آثار العصر الحجري القديم بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
آثار العصر الحجري القديم بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية

آثار العصر الحجري القديم بالمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية.

 
لقد سبقت الإشارة إلى الدوافع التي جعلت عددًا من الباحثين يعتقدون بوجود صناعات حجرية تعود إلى فترة العصر الحجري القديم التي قامت في البداية على فرضية أن الجزيرة العربية كانت مأهولة بالكامل خلال العصر الحجري القديم؛ نظرًا لوجود مواقع تعود إلى هذه الفترة في الأردن وما جاورها.
 
وكشفت أعمال البعثة الدنماركية في قطر عن وجود أدوات من العصر الحجري القديم. وبحكم قرب قطر الجغرافي من المنطقة الشرقية بالمملكة، ووجود فؤوس حجرية في ثاج في المملكة العربية السعودية، فقد أصبحت فترة العصر الحجري القديم ضمن التسلسل الحضاري للمنطقة الشرقية  
 
أظهرت المسوحات الميدانية والمجسات في بعض المواقع المكتشفة عددًا من المواقع والنتائج الأثرية، وقد تضمنت عددًا من الإشارات إلى وجود بقايا أثرية تعود إلى فترة العصر الحجري القديم، التي أفرد لها الفصل الرابع، مشيرًا إلى وجود ثلاث مراحل رئيسة في المنطقة الشرقية، هي:   مرحلة العصر الحجري في منطقة يبرين وما حولها ومرحلة العُبيد ومرحلة الألف الثالث قبل الميلاد.
 
وقد سجلت عدة مواقع جنوب واحة يبرين، على الطرف الشمالي من صحراء الربع الخالي، ومنها: موقع صوان ديرة، الذي يبعد نحو 55كم عن واحة صوان الظبطية، معتمدًا في نسبة الموقع إلى العصر الحجري القديم على أدوات حجرية تعرضت لتأثير العوامل البيئية، التي قُورنت بتقنية الصناعة الليفلوازية الموستيرية  
 
كما وجدت أدوات من الصناعة الليفلوازية الموستيرية مشابهة لتلك الموجودة في موقع صوان ديرة وموقع صوان الظبطية الواقع على بُعد نحو 10كم جنوب غرب واحة يبرين  . 
 
إن ما تم توثيقه في منطقة يبرين والمناطق الأخرى، إنما يعكس وجود تقليد حضاري منتشر في أنحاء المنطقة الشرقية   مشيرًا إلى التشابه بين ما عُثر عليه في المنطقة الشرقية، وتلك المجموعات الحجرية التي تم تسجيلها في قطر.
 
وفي أول مسح ميداني لإدارة الآثار والمتاحف في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، أشارت نتائج التقرير المنشور في حولية أطلال، إلى وجود أدوات حجرية ثنائية الوجه، ذات طراز آشولي في أربعة مواقع، منها موقع الظبطية رقم 76  ؛  وهناك إشارة أخرى إلى وجود اثني عشر موقعًا مأهولاً تعود إلى العصر البلايستوسيني  
 
وتُعَدّ دراسة مجموعات الأدوات الحجرية، بغرض إعادة النظر في نتائج التسلسل الحضاري الذي توصل إليه الباحث كابل في قطر، من أهم الدراسات التي تمت في المنطقة؛ وذلك لما انطوت عليه من نتائج مُهمة، وقد توصلت الدراسة التي استغرقت عدة سنوات إلى تأكيد عدم وجود صناعة حجرية في قطر تعود إلى فترة العصر الحجري القديم. ومن ناحية ثانية، فقد أكدت الدراسة أن الصناعة الحجرية التي تتشابه مع الصناعة الحجرية الموستيرية، هي في واقع الأمر لا تعود إلى أكثر من الألف الخامس قبل الميلاد؛ وهو ما يعادل المجموعتين (C, D) حسب تصنيف الصناعات الحجرية في قطر  
 
وقد انعكست نتائج هذه الدراسة على بقية المواقع الأخرى في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، وعلى امتداد الساحل الغربي للخليج العربي، في الكويت وعُمان والبحرين، إذ أُشير خلال مسح منطقة الرياض الذي قامت به إدارة الآثار والمتاحف إلى غياب الصناعة الآشولية من منطقة الرف العربي، شرق الجزيرة العربية، وانتشارها بشكل أكبر في منطقة الدرع العربي  ،  ومن هنا يمكن القول إنه لا يوجد دليل على استيطان بشري مبكر في شرق المملكة العربية السعودية حتى فترة العصر الحجري الحديث، أما الصناعات الحجرية التي كان يعتقد أنها تابعة للعصر الحجري القديم فقد ثبت انتماؤها إلى العصر الحجري الحديث بناءً على دراسة مجموعات الأدوات الحجرية من قطر، وربما أدت الأحوال المناخية دورًا كبيرًا في ذلك، نتيجة لارتفاع مستوى مياه الخليج العربي في الفترة ما بين 17 و 9 آلاف قبل الميلاد، حيث لم تتمكن الجماعات البشرية من استيطان المنطقة إلا بعد انحسار مستوى المياه عن مناطق شاسعة من شرق الجزيرة العربية  
 
وأما فيما يخص الجزء الجنوبي من المنطقة الشرقية، فقد وجدت فيه دلائل مؤكدة على وجود مواقع تعود إلى فترة العصر الحجري القديم، وذلك خلال رحلة علمية نظمتها هيئة المساحة الجيولوجية في أوائل عام 1427هـ /2006م. وقد أظهرت الدراسة الأولية لمجموعات المواقع التي عثر عليها في كل من السمحة والخيران أنها تمثل مواقع لصناعة الأدوات الحجرية. وقد تميزت هذه المواقع التي تحيط بها أودية صغيرة بوجود أحجار الشيرت الطبيعية، التي تم استغلالها في صنع الأدوات الحجرية. ويتضح من دراسة تقنية التصنيع والأسلوب المستخدم فيها وكذلك نوع الأدوات المصنعة، أنها تنتمي إلى فترة العصر الحجري القديم الأوسط 30 - 70 ألف سنة مضت، حيث شاعت تقنية الصناعة الموستيرية التي تعتمد على صناعة الشظايا الحجرية بشكل أساسي. ويمكن القول إن وجود مصادر الأحجار الخام في مناطق محدودة بالربع الخالي قد استدعى قيام الجماعات البشرية بزيارات متكررة لهذه المناطق للحصول على المواد الأولية لصناعة أدواتهم الحجرية. ومن خلال معاينة البقايا الحجرية التي احتواها موقعا السحمة والخيران يتضح أن أدواتهما الحجرية كانت تستخدم في أمور الحياة اليومية، مثل: التقطيع والتكسير والحك والثقب.
 
شارك المقالة:
69 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook