البحتري، هو الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي. ولـد عام 205هـ في مدينة منبج بمحافظة حلب سوريا، وتوفى عام 284هـ.
يُقال لشعره سلاسل الذهب، وهو أحد الثلاثة الذين كانوا أشهر أبناء عصرهم، المتنبي، وأبو تمام، والبحتري، وقد قيل لأبي العلاء المعري: أي الثلاثة أشعر؟ فقال: المتنبي وأبو تمام حكيمان، وإنما الشاعرالبحتري.
كان البحتري شاعراً في بلاط الخلفاء؛ المتوكل، والمنتصر، والمستعين، والمعتز بن المتوكل، كما كانت له صلات وثيقة مع وزراء في الدولة العباسية وغيرهم من الولاة والأمراء وقادة الجيوش.
خلف ديواناً ضخماً، أكثر ما فيه في المديح وأقله في الرثاء والهجاء. وله أيضاً قصائد في الفخر والعتاب والاعتذار والحكمة والوصف والغزل. وقد وضعنا لكم في هذا المقال أجمل وأشهر قصائد البحتري.
أجمل أشعار البحتري قصيدة: تقضى الصبا إلا تلوم راحل تقضى الصبا إلا تلوم راحل وأغنى المشيب عن ملام العواذل
وتأبى صروف الدهر سودا شخوصها على البيض أن يحظين مني بطائل
يحاولن مني صبوة وأخالني أخا شغل عما يحاولن شاغل
رمي رزايا صائبات كأنني لما أشتكي منها رمي جنادل
أعد أجل النائبات فجيعة وفور الرزايا وانثلام الأماثل
أعن دول في العصبتين تعاقبت فما نقل الحالات نقل التداول
ولولا اهتمامي بالعلا وانعكاسها لما ارتعت ذعرا من تعلي الأسافل
أما قائل للشاه والشاه غرة مخبرة عن ملك غرش وكابل
أطل جفوة الدنيا وتهوين شأنها فما العاقل المغرور منها بعاقل
يرجي الخلود معشر ضل سعيهم ودون الذي يرجون غول الغواء
وليس الأماني في البقاء وإن مضت بها عادة إلا أحاديث باطل
إذا ما حريز القوم بات وما له من الله واق فهو بادي المقاتل
وما المفلتون أجمل الدهر فيحم بأكثر من أعداد من في الحبائل
يسار بنا قصد المنون وإننا لنشعف أحيانا بطي المراحل
عجالا من الدنيا بأسرع سعينا إلى اجل منها شبيه بعاجل
أواخر من عيش إذا ما امتحنتها تأملت أمثالا لها في الأوائل
وما عامك الماضي وإن أفرطت به عجائبه إلا أخو عام قابل
غفلنا عن الأيام أطوع غفلة وما خونها المخشي عنا بغافل
تغلغل رواد الفناء ونقبت دواعي المنون عن جواد وباخل
وما فدحتنا نكبة كافتقادنا أبا الفضل نجل الأكرمين الأفاضل
شببنا له نار الجوى وجرت لنا عليه أساكب الدموع الهوامل
ولم نعطه حق الغرام ولم نكن لنبلغ مفؤوض الأسى بالنوافل
ولي هدى سفر إلى المجد سائر وقائد زحف للخطوب مقاتل
يؤمل للخير الكثير إذا نبت خلائق أصحاب الخيور القلائل
متى اشتبهوا مرأى على العين أعربت شمائل من خرق غريب الشمائل
إذا طلعت منه شذاة على العدا أرت أن بغث الطير صيد الأجادل
ويكفي من الرمح المبر بطوله بلاغ الحمام من سنان وعامل
زعيم بني ميكال حيث تكاملوا وكان ابتداء النقص فرط التكامل
أخو إخوة ما كان محمد سعيهم بوان عن الحسنى ولا بمواكل
بني أحوذي يغمر السيف وافيا ببسطته والسيف وافي الحمائل
تضيق الدروع التبعيات منهم على كل رحب الباع سبط الأنامل
عراعر قوم يسكن الثغر إن مشوا على أرضه والثغر جم الزلازل
فكم فيهم من منعم متطول بالائه أو مشرف متطاول
إذا سئلوا جاءت سيول أكفهم نظائر جمات التلاع السوائل
يقولون ما أرضى ولا ترض قائلا إذا لم يكن في القول أول فاعل
خليقون سروا أن تلين أكفهم عرائك أحداث الزمان الجلائل
ومازال لحظ الراغبين معلقا إلى قمر منهم رفيع المنازل
أبا غانم لا تبرحن غنم آمل تأمل نجحا أو معول عائل
دعوت بك الحاجات أمس فطبقت مضارب مأثور الغرارين قاصل
ولو تنصف الأقدار كانت مطالبي إليك وكان الآخرون وسائلي
قصيدة: قد فقدنا الوفاء فقد الحميم قد فقدنا الوفاء فقد الحميم وبكينا العلا بكاء الرسوم
لا أمل الزمان ذما وحسبي شغلا أن ذممت كل ذميم
أتظن الغنى ثواء لذي الهمة من وقفة بباب لئيم
وأرى عند خجلة الرد مني خطرا في السؤال جد عظيم
ولوجه البخيل أحسن في بعض الأحايين من قفا المحروم
وكريم غدا فأعلق كفي مستميحا في نعمة من كريم
حاز حمدي وللرياح اللواتي تجلب الغيث مثل حمد الغيوم
عودة بعد بدأة منك كانت أمس يا أحمد ابن عبد الرحيم
ما تأتيك بالظنين ولا وجهك في وجه حاجتي بشتيم
قصيدة: بعمرك تدري أي شأني أعجب بعمرك تدري أي شأني أعجب فقد أشكلا باديهما والمغيب
جنوني في ليلى وليلى خلية وصغوي إلى سعدى وسعدى تجنب
إذا لبست كانت جمال لباسها وتسلب لب المجتلي حين تسلب
وسميتها من خشية الناس زينبا وكم سترت حبا على الناس زينب
غضارة دنيا شاكلت بفنونها معاقبة الدنيا التي تتقلب
وجنة خلد عذبتنا بدلها وما خلت أنا بالجنان نعذب
ألا ربما كأس سقاني سلافها رهيف التثني واضح الثغر أشنب
إذا أخذت أطرافه من قنوئها رأيت اللجين بالمدامة يذهب
كأن بعينيه الذي جاء حاملا بكفيه من ناجودها حين يقطب
لأسرع في عقلي الذي بت موهنا أرى من قريب لا الذي بت أشرب
لدى روضة جاد الربيع نباتها بغر الغوادي تستهل وتسكب
إذا أصبح الحوذان في جنباتها يفتح وهمت الدنانير تضرب
أجدك إن الدهر أصبح صرفه يجد وإن كنا مع الدهر نلعب
وقد ردت الخمسون رد صريمة إلى الشيب من ولى عن الشيب يهرب
فقصرك إني حائم فمرفرف على خلقي أو ذاهب حيث أذهب
نظرت ورأس العين مني مشرق صوامعها والعاصمية مغرب
بقنطرة الخابور هل أهل منبج بمنبج أم بادون عنها فغيب
ومابرح الأعداء حتى بدهتهم بظلماء زحف بيضها تتلهب
إذا انبسطت في الأرض زادت فضولها على العين حتى العين حسرى تذبذب
وإن ابن بسطام كفاني انفراده مكاثرة الأعداء لما تألبوا
أخي عند جد الحادثات وإنما أخوك الذي يأتي الرضا حين تغضب
يؤمل في لين اللبوس ويرتجى لطول ويخشى في السلاح ويرهب
وما عاقه أن يطعن الخيل مقدما على الهول فيها أنه بات يكتب
ترد السيوف الماضيات قضاءها إلى قلم يومي لها أين تضرب
مدبر جيش ذلل الأرض شغبه وعزمته من ذلك الجيش أشغب
إذا الخطب أعيا أين مأخذه اهتدى لما يتوخى منه أو يتنكب
نعول والإجداء فيه تباعد على سيد يدنو جداه ويقرب
على ملك لا يحجب البخل وجهه علينا ومن شأن البخيل التحجب
وأبيض يعلو حين يرتاح للندى على وجهه لون من البشر مشرب
تفرغ أخلاق الرجال وعنده شواغل من مجد تعني وتنصب
له هزة من أريحية جوده تكاد لها الأرض الجديبة تعشب
تحط رحال الراغبين إلى فتى نوافله نهب لمن يتطلب
إلى غمر في ماله تستخفه صغار الحقوق وهو عود مجرب
إذا نحن قلنا وقرته ملمة تهالك منقاد القرينة مصحب
تجاوز غايات العقول مواهب نكاد لها لولا العيان نكذب
جدى إن أغرنا فيه كان غنيمة ويضعف فيه الغنم حين يعقب
خلائق لو يلقى زياد مثالها إذن لم يقل أي الرجال المهذب
عجبت له لم يزه عجبا بنفسه ونحن به نختال زهوا ونعجب
فداك أبا العباس من نوب الردى أناس يخيب الظن فيهم ويكذب
طويت إليك المنعمين ولم أزل إليك أعدي عنهم وأنكب
وما عدلت عنك القصائد معدلا ولا تركت فضلا لغيرك يحسب
ننظم منها لؤلؤا في سلوكه ومن عجب تنظيم ما لا يثقب
فلو شاركت في مكرماتك طي لوهم قوم أنني أتعصب
متى يسأل المغرور بي عن صريمتي يخبره عنها غانم أو مخيب
يسر افتتاني معشرا ويسوؤهم ويخلد ما أفتن فيهم وأسهب
ولم يبق كر الدهر غير علائق من القول ترضي سامعين وتغضب
قصيدة: أبى الليل إلا أن يعود بطوله أبى الليل إلا أن يعود بطوله على عاشق نزر المنام قليله
إذا ما نهاه العاذلون تتابعت له أدمع لا ترعوي لعذوله
لعل اقتراب الدار يثني دموعه فيقلع أو يشفي جوى من غليله
ومازال توخيد المهاري وطيها بنا البعد من حزن الفلا وسهوله
إلى أن بدا صحن العراق وكشفت سجوف الدجى عن مائه ونخيله
يظل الحمام الورق في جنباته يذكرنا أحبابنا بهديله
فأحيت محبا رؤية من حبيبه وسرت خليلا أوبة من خليله
بنعمى أمير المؤمنين وفضله غدا العيش غضا بعد طول ذبوله
إمام رآه الله أولى عباده بحق وأهداهم لقصد سبيله
خليفته في أرضه ووليه الرضي لديه وابن عم رسوله
وبحر يمد الراغبون عيونهم إلى ظاهر المعروف فيهم جزيله
ترى الأرض تسقى غيثها بمروره عليها وتكسى نبتها بنزوله
أتى من بلاد الغرب في عدد النقا نقا الرمل من فرسانه وخيوله
فأسفر وجه الشرق حتى كأنما تبلج فيه البدر بعد أفوله
وقد لبست بغداد أحسن زيها لإقباله واستشرفت لعدوله
ويثنيه عنها شوقه ونزاعه إلى عرض صحن الجعفري وطوله
إلى منزل فيه أحباؤه الألي لقاؤهم أقصى مناه وسوله
محل يطيب العيش رقة ليله وبرد ضحاه واعتدال أصيله
لعمري لقد آب الخليفة جعفر وفي كل نفس حاجة من قفوله
دعاه الهوى من سر من راء فانكفا إليها انكفاء الليث تلقاء غيله
على أنها قد كان بدل طيبها ورحل عنها أنسها برحيله
وإفراطها في القبح عند خروجه كإفراطها في الحسن عند دخوله
ليهن ابنه خير البنين محمدا قدوم أب عالي المحل جليله
غدا وهو فرد في الفضائل كلها فهل مخبر عن مثله أوعديله
وإن ولاة العهد في الحلم والتقى وفي الفضل من أمثاله وشكوله
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.