هو عبارة عن حالة من إصابة خلايا المخ بنوع من الاضطراب، حيث تغزو الإصابة بشكل مباشر الإشارات الكهربائية التي تنتجها خلايا المخ، فينجم عنها اختلال عصبي داخلي، ويحدث الاضطراب خلال قيام المخ بإنتاج الكهرباء الدماغية، كما ينتج عنها البؤرة الصرعية، والتي تعمل بدورها على تعميم النشاط الكهربائي المختل في كافة أجزاء الدماغ.
يشار إلى أن الصرع هو نتيجة اضطراب في كمية الشحنات الكهربائية المتدفقة بين الخلايا العصبية والمخ، حيث إنّ ملايين الشحنات الكهربائية تكون متقطّعة، فيكون تأثيرها على المخ أكبر من تأثير الشحنات العادية، وتظهر معالم الاختلال على حركات جسم المريض ووعيه وأحاسيسه، ويكون ذلك لمدة قصيرة غير متواصلة، فتحدث في المخ تشنجات صرعية ناتجة عن تغيرات فيزيائية يتعرّض لها المخ.
يحدث الاختلال في بعض أجزاء المخ وأحيانا بأكمله، ويشار إلى أنّ الدماغ لا يعود إلى وضعه الطبيعي إلا بعد زوال تأثير التشنّجات الصرعية، أي بعد عودة النشاط الكهربائي إلى وضعه الطبيعي.
يتمّ تقسيم الإصابة بالصرع (بالإنجليزية: Epilepsy) لدى الأطفال بحسب نوع النوبات العصبية المصاحبة لها، وتتمثل الإصابة بالصرع البؤريّ والذي يُعرَف بالصرع الجزئيّ (بالإنجليزية: Partial seizures) بحدوث اضطرابات الدماغ العصبيّة في جزء واحد أو عدّة أجزاء في جانب واحد من الدماغ، وقد يسبق الإصابة بهذا النوع من نوبات الصرع ظهور بعض الأعراض والعلامات على الطفل والتي تُعرَف بالأَوْرَة (بالإنجليزية: Aura) مثل: الشعور بالخوف، والابتهاج (بالإنجليزية: Euphoria)، ووهم سبق الرؤية (بالإنجليزية: Deja vu)، وينقسم الصرع البؤريّ بدوره إلى نوعين رئيسيين وهما: الصرع الجزئيّ البسيط والصرع الجزئيّ المركّب.
تعتمد الأعراض المصاحبة لهذا النوع من الصرع على الجزء المتأثر في الدماغ، كما تؤثر نوبات التشنج في فئة محددة من العضلات في العادة، وقد يصاحب هذا النوع من نوبات الصرع الشعور بالغثيان، والتعرّق، وشحوب البشرة، ومن الجدير بالذكر أنّ هذا النوع من الصرع لا يؤدي إلى فقدان الطفل المصاب للوعي.
يصيب هذا النوع من نوبات الصرع الفص الصدغيّ (بالإنجليزية: Temporal lobe) في الدماغ، وهو المنطقة المسؤولة عن المشاعر والذاكرة، وقد يفقد الطفل الوعي عند الإصابة بهذا النوع من النوبات، وقد يبدو الطفل مستيقظاً في بعض الحالات، لكنّه فاقداً للإحساس بالمحيط حوله، بالإضافة إلى مصاحبة هذا النوع من نوبات الصرع لبعض التصرفات الغريبة للطفل مثل: الصراخ، والبكاء، والضحك غير المُبرّر
يُطلق على نوبات الصرع مصطلح نوبات الصرع المعمم (بالإنجليزية: Generalized) في حال حدوث نوبة الصرع في كامل الدماغ، كما تنقسم نوبات الصرع المعمم بدورها إلى عدّة أنواع مختلفة مثل: النوبة التوتريّة الرمعيّة (بالإنجليزية: Tonic-clonic seizures) والنوبة الصرعية المصحوبة بغيبة (بالإنجليزية: Absence seizures).[٣]
يشمل هذا النوع من نوبات الصرع كامل الجسم، ويكون مصحوباً برجفة إيقاعيّة وعنيفة في بعض الحالات، وقد تبدأ نوبة الصرع في جزء واحد من الجسم ثمّ تنتقل إلى باقي أنحاء الجسم، وغالباً ما تكون مصحوبة بفقدان الوعي، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا النوع من نوبات الصرع يستمرّ لمدّة تتراوح بين 2-3 دقائق فقط، وتتوقف دون الحاجة لتدخل خارجيّ في العادة.
يحدث هذا النوع من النوبات بشكلٍ سريع جداً وقد لا تتمّ ملاحظته في بعض الحالات حتى دخول الطفل إلى المدرسة، ويتمثل بفقدان الانتباه والتحديق في العينين لفترة بسيطة، بالإضافة إلى بعض الأعراض والعلامات الأخرى في بعض الحالات مثل: رفرفة جفون العين وومض العينين السريع.
يطلب الطبيب من ذوي المصاب وصفاً مفصلاً عن النوبة التي أصابت الشخص المريض، ويشار إلى أن المصاب لا يتذكر ما أصابه أثناء حدوث النوبة، ويقوم بعدها الطبيب بإجراء الفحوصات وبعض التشخيصات العصبية والتي تعمل بدورها على اختبار ردود الفعل والمنعكسات الصادرة عن الشخص المصاب بالنوبة، وكما يجري اختبارات توتر العضلات ومتانتها، ويفحص الأداء الوظيفي للحواس، وشكل المشي، والتناسق، والمحافظة على التوازن والحركة والتنسيق بينهما.
كما يقوم الطبيب بطرح جملة من الأسئلة على المصاب للتوصل إلى طريقة التفكير، واختبار مدى ما تجنيه ذاكرته من معلومات عن الماضي، وتلي ذلك فحوصات للدم للتأكد من خلو أو إصابة الدم بمشاكل معينة كالالتهابات أو التسمم بالرصاص أو فقر الدم أو مرض السكري وغيرها، ويخضع بعدها المصاب إلى الفحوصات التالية:
يخضع مريض الصرع لعلاج يصفه له الطبيب وهي العقاقير، ويكون هذا النوع من العلاج أساسياً ولا يجب التجاوز عنه، وتكون هذه العقاقير مضادة للتشنج والصرع، كما أنها تتحكم بأشكال الصرع المختلفة، علماً بأن هذا النوع من العلاج يكون ضمن جرعة معينة، حيث تقوم هذه العقاقير بدورها بالسيطرة على المرض وتحافظ على مستوى تواجده في الدم، لذلك ينصح المرضى بالالتزام بجرعات الدواء بشكل كامل والانتظام به.
تجدر الإشارة إلى أنّ هناك اختلاف بين التشنج والصرع، حيث يعتبر التشنج أحد أعراض مرض الصرع وليس حالة مرضية بحد ذاتها، أما الصرع هو عبارة عن تهيؤ الدماغ لتوليد شحنات كهربائية مفاجئة والتي تلحق اضطراباً بوظائف الدماغ الأخرى.
أمّا تعّرض الشخص لنوبة تشنّج واحدة فهذا ليس بالضرورة أن تكون مؤشراً لإصابة الشخص بالصرع، ومن الممكن أن يصاب الشخص بالتشنج نتيجة ارتفاع حاد في درجة الحرارة، أو نقص الأكسجين وعوامل أخرى، بينما الصرع مرض دائم وتكون نوباته متفاوتة الشدة وتحدث من فترة لأخرى، وتؤثر على الأماكن الأكثر حساسية وتعمل على السيطرة وتنظيم عملية مرور الطاقة الكهربائية.