هو الحالة الناتجة عن إنخفاض مستوى السُّكر في الدم عادةً إلى ما دون ال 55 مغم\دل, فتؤدِّي إلى ظهور عوارض عدَّة مثل تغيير حالة الوعي, ويحدث ذلك بسبب خلل لحظي أو مزمن في أحد أجهزة الجسم المسؤولة عن المحافظة على توازن السُّكر في الدَّم.
تترواح نسبة السُّكر في الدَّم عند الإنسان الصائم بين ال 70 و ال 100 مغم\دل بشكلٍ عام, ونرى أنَّ هذه النسبَّة لا تقل في الإنسان المعافى حتى لو إستمر عدَّة ساعات دون تناول الطعام. من جهةٍ أخرى فإنَّ تناول الطعام لا يرفع نسبة السُّكر أكثر من 140-150 مغم\دل.
هناك أجهزة عدَّة في الجسم التي تساهم في المحافظة على نسبة السُّكر في الدَّم بحيث لا تتخطى المجال السَّليم سواء إلى الأعلى أو إلى الأسفل. يُعتبر البنكرياس والكبد من أهم هذه الأجهزة.
يحصل الإنسان على السُّكر من الطعام, حيث يقوم الجهاز الهضمي بتحليل السُّكريات المركبَّة في الغذاء إلى الجلوكوز ويقوم بإمتصاصها ونقلها إلى الدَّم. ألإرتفاع اللحظي للجلوكوز في الدَّم يؤدي إلى إفراز هورمون الإنسولين من البنكرياس (وهو عضو موجود في أعلى البطن) إلى الدَّم. هناك هدفين رئيسيين للإنسولين :
- السَّماح لخلايا الجسم بإستغلال الجلوكوز من الدَّم إذ بغيابه تعجز الخلايا عن إدخال الجلوكوز إليها.
- إعطاء إشارة للكبد بأنَّ الدَّم غني بالجلوكوز ولا حاجة لتحليل الجليكوجين - وهو مخزن السُّكر في الكبد - إلى جلوكوز وإخراجه إلى الدَّم.
كلتا الوظيفتين تساهمان بخفض نسبة السُّكر في الدَّم ومنع إرتفاعه بتطرُّف بعد إستهلاك الطعام. فشل في إفراز أو عمل هورمون الإنسولين يُسبِّب مرض السُّكر.
بعد إنخفاض نسبة الجلوكوز في الدَّم كنتيجة لعمل الإنسولين "يقرأ" البنكرياس الوضع الجديد أي نسبة السُّكر السليمة ويقلِّل من إفراز الإنسولين وهكذا يحافظ على نسبة جلوكوز ثابتة تقريبًا.
في الواقع أثناء الصَّوم يستمر الجسم في إستهلاك الجلوكوز كإحدى مصادر الطاقة, لذلك فهو بحاجة إلى مصدر داخلي بغياب إستهلاك السُّكر من الغذاء. هذا المصدر هو الجليكوجين وهو عبارة عن جزيئات جلوكوز ترتبط ببعضها البعض وتُخزَّن في الكبد والعضلات في الأساس, وتُستعمل عند إنخفاض الجلوكوز في الدَّم نتيجة عدم تناول الطعام بشكلٍ كافٍ مثلًا.
بالإضافة إلى التوقف عن إفراز الإنسولين ففي حالة الصَّوم يقوم البنكرياس بإفراز هورمون الجلوكاجون والذي يُمكن إعتباره الهورمون النقيض للإنسولين, حيث يهدف إلى رفع نبسة السُّكر في الدَّم عن طريق إعطاء إشارة للكبد بتحليل الجليكوجين إلى جلوكوز وإخراجه إلى الدَّم.
وهكذا فإنَّ التوازن بين هورموني الإنسولين والجلوكاجون يُساعد في الحفاظ على نسبة السُّكر في الدَّم بشكل دائم, ففي حالة الجوع (ألصوم) ينخفض الإنسولين ويرتفع الجلوكاجون, وفي حالة الشَّبع يرتفع الأوَّل وينخفض الثاني
هناك عوامل إضافيَّة تشترك في المحافظة على هذا التوازن أهمُّها :
الآن وبعد فهم دورة السُّكر في الجسم ووظيفة كلٍّ من الهورمونات فيها يمكننا فهم الأسباب بشكلٍ أفضل :
-إفراز من البنكرياس:
أدوية مرض السُّكر التي يتناولها مرضى السُّكر من النوع الثاني : تُعتبر أكثر الأسباب شيوعًا لنقص الجلوكوز في الدَّم. فتعمل هذه الأدوية على تحفيز البنكرياس على إفراز إنسولين أكثر. أهم هذه الأدوية هي : Metformin, Sulfonylurea.
ورم جزيري (Insulinoma) : ورم حميد في خلايا بيتا في البنكرياس ممَّا يُؤدي إلى إفراز مفرط للإنسولين. يُعتبر هذا السبب نادرًا جدًّا حيث أنَّ الحالة تحدث ل 4 من بين مليون شخص.
ألإفراز المفرط بعد الوجبات : تحدث هذه الحالة عند الأشخاص الذين تعرَّضوا لعمليَّة جراحيَّة لتصغير المعدة. فمقارنةً بالأشخاص المعافين لدى هذه الفئة ينتقل الطعام من المعدة إلى الأمعاء ومن ثمَّ إلى الدَّم بشكل أسرع ممَّا يُؤدي إلى إفراز الإنسولين بشكل أكبر وبالتالي إلى نقص السُّكر في الدَّم بعد تناول الطعَّام.
ألفشل الكلوي : يخرج الإنسولين من الجسم عن طريق الكلى, لذلك في حالة خلل في عمل الكلى فإنَّ الإنسولين يتراكم وبالتالي يكون له مفعول أكبر.
-إنسولين من خارج الجسم :
علاج بحُقن الإنسولين : سبب شائع عند مرضى السُّكر من النوع الأوَّل, بسبب حقن الإنسولين بكميَّة, نوع, أو في وقت غير مناسب نسبةً للطعام المُستهلك.
حَقن الإنسولين المُتعمَّد : يقوم الشخص بحقن نفسِهِ بالإنسولين رغم أنَّه لا يحتاج له وذلك بهدف الإنتحار أو محاولةً لكسب الإهتمام (متلازمة مونخاوزن).
يُعتبر الجلوكوز وحدة الطاقة الأساسيَّة لخلايا الجسم وإنخفاضه يَضُر بعمل هذه الخلايا ويُؤدي إلى تشغيل الجهاز العصبي الوُّدي (Sympathetic) الذي يُمكن وصفه بالجهاز الذي يُسخِّر أعضاء الجسم المختلفة للنجاة عندما يتعرَّض الجسم للخطر. من بين هذه الأعضاء غدتي الأدرينال اللتين تُفرزان هورمون الأدرنلين الذي بدَوره يعمل على رفع نسبة الجلوكوز في الدَّم.
تنقسم العوارض إلى قسمين رئيسيَّين :
- ألعوارض الناجمة عن نقص الجلوكوز :
- ألعوارض الناجمة عن تشغيل الجهاز العصبي الوُدِّي :
من الجدير ذكرَه أنَّ العوارض الناجمة عن تشغيل الجهاز الوُدِّي في غاية الأهميَّة, فهي بمثابة مُنبِّه للمريض من الحالة, لكن تعرُّض المريض لنقص السُّكر بشكل متكرر –الأمر الشائع لدى مرضى السُّكر- يؤدي إلى إختفاء هذه العوارض وذلك يُعتبر في غاية الخطورة حيث أنَّ هذا الأمر بدوره يُعرِّض المريض إلى هبوط السُّكر بشكل أكبر لأنَّ العوارض المنبِّهه قد قلَّت.
إنَّ إختفاء هذه العوارض ليس بدائم, ويُمكن إستعادتها بمجرَّد مرور فترة زمنيَّة بدون أن يتعرَّض المريض لحالات نقص السُّكر.
يُعتبر نقص السُّكر من الحالات الشائعة لدى مرضى السُّكر, وعلى هؤلاء المرضى والمقيمين بقربتهم أن يكونوا على علم بأعراض نقص السُّكر, وكيفيَّة التعامل معه. فمثلًا يقوم الطبيب بالشرح للعائلة عن كيفيَّة إستعمال حقنة الجلوكاجون.
بعد التعرُّض للحالة على مريض السُّكر أن يراجع كميَّة ونوع الطعام الذي تناوله, الكحول, نوع وكميَّة الأدوية التي إستُهلكت بما فيها المواد "الطبيعيَّة" إذا وجدت, الضغوطات النفسيَّة والنشاطات الرِّياضيَّة. يجب عليه تدوينها بالتفصيل ومناقشتها مع الطبيب أملًا أن يجد السبب ويتفاداه مستقبلًا.
بالإضافة إلى ذلك فعلى مريض السُّكر أن يفحص السُّكر يوميًّا ولو تطلب الأمر أكثر من مرَّةٍ واحدة إذا لم يكن مرضُهُ متَّزنًا, والمحافظة على الوجبات, كما ويُنصح بحمل السُّكريَّات بشكلٍ دائم تحسُّبًا لأي طارىء.
إنَّ نقص الجلوكوز يُشكل خطرًا على حياة المريض إن لم يُشخَّص ويُعالَج سريعًا. لذلك كل شخص يصل إلى غرفة الطوارىء فاقدًا وعيه ويشك الأطباء بأنَّ نقص السُّكر يمكن أن يكون وراء ذلك خاصَّة إن كان المريض مصاب بالسُّكر يجب إعطائه الجلوكوز دون تأخُّير.
يتم تشخيص الحالة بوجود ثلاثة أمور تُعرف بثلاثيَّة ويبل (Whipple) وهي : أعراض نقص السُّكر, جلوكوز منخفض في الدَّم, غياب الأعراض بعد تصحيح نسبة الجلوكوز.
يجب رفع نسبة السُّكر في الدَّم سريعًا تحسُّبًا من أضرار للدِّماغ بسبب عدم إستغلاله للجلوكوز.
يُمكن تحقيق ذلك بإمكانيَّات عديدة :
- إن كان المريض بوعيه الكامل يمكنه تناول قطعة حلوى أو أي شيئ يحتوي على الجلوكوز. نتوقع أن تزول الأعراض خلال 15 دقيقة.
- إن كان هناك تغيُّر بوعي المريض يمكن إعطائه حُقنة جلوكاجون. عادةً يتزود مرضى السُّكر بهذه الحقنة تحسُّبًا من هبوط السُّكر.
- إن كان هناك تغيُّر بوعي المريض وقد وصل إلى مركز طبي يمكن إعطائه جلوكوز عبر الوريد.
من جهةٍ أخرى يجب تشخيص السَّبب ومعالجته.