الأثاث والفرش بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الأثاث والفرش بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الأثاث والفرش بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
 
كانت بيوت المدينة المنورة في الماضي مليئة بكثير من الأدوات والفرش والأثاث الذي يتفاوت فيه الناس حسب إمكاناتهم، وإن كان يغلب على بيوت الأغنياء وجود أنواع من الفرش والأثاث المستورد من الدول الأخرى مثل الهند وإيران وبقية الدول العربية، إضافة إلى المنتجات المحلية، أما ذوو الدخل المحدود من السكان فقد كانت بيوتهم مليئة بما يستطيعون شراءه أو عمله بأيديهم من أنواع الفرش والأثاث محلي الصنع في أغلب الأحيان، كل حسب حاجته وقدرته، ولكن الطابع العام لأثاث البيت المدني هو البساطة مع الذوق الرفيع، والعناية بتناسق الألوان، وتلبية احتياجات المستخدمين من أهل البيت وزائريهم.
 
ونستعرض هنا بعض أنماط الفرش والأثاث الذي عُرف في الحقبة الماضية بدءًا بالمجالس وانتهاءً بالمطابخ ودورات المياه على النحو الآتي:
 

المجالس وأمكنة استقبال الضيوف

 
يفرش الدهليز  وهو أول ما يمر به الداخل إلى البيت بالحصير، وإذا كان واسعًا فإنه تُصف على جنباته (المراكيز) وهي مقاعد خشبية للجلوس.
 
أما المجلس (وهو المكان المعد للاستقبال) فإنه يتألف غالبًا من روشان أو اثنين ونافذة كبيرة، ويراعى دائمًا أن يكون أحد الروشانين في الجهة الشمالية والآخر في الجهة الجنوبية. والروشن هو دكة مبنية بالحجر يقام عليها الروشان وهو - كما سبق - نوافذ كبيرة من الخشب تتلقى الهواء من ثلاث جهات؛ لأن الروشن يعطيها السعة المطلوبة، وتكون النوافذ - عمومًا - كبيرة ومرتفعة، كما أن ارتفاع السقوف عن الأرض يتيح للهواء أن يتخلل الغرف من كل اتجاه. ويفرش الروشان بوسائد لينة من القطن تفرش عليها سجادة فارسية، ثم تدار حول نوافذ الروشان المساند المحشوة بالقطن حشوًا جيدًا، وتكسى وجوهها بقماش حريري مشجر متين، وغالبًا ما يكون ذا لون أحمر زاهٍ، وكان أحسن أنواعه الدمسك (وقد تكون هذه الكلمة منسوبة إلى دمشق؛ إذ إن هذه الأقمشة كلها كانت من صناعة الشام)، ويوضع ذلك القماش فوق المساند بحيث يغطي نصفَها الأعلى قماشٌ من الشرك الأبيض المشغول بطريقة أشبه بشغل (الدانتيل)، ولعله كذلك من صناعة الشام، وتوضع بعد ذلك الوسائد المحشوة بالقطن الناعم، الملبسة بالحرير وردي اللون، وأطرافها مكسوة بما يسمى (التنتنة)؛ وهي قماش من القطن الرفيع الأبيض المشغول بما يشبه الورود، وفيه بعض الثقوب، وهو يشبه كذلك شغل (الدانتيل)   إلا أنه من صناعة الهند، وتدار بعد ذلك الدكاك الخشبية في المجلس كله، وكانت هذه الدكاك تسمى الكراويت (مفردها كرويتة)، وهي تُستر بقماش من نوع قماش المساند أو الوسائد، ولكنها تحلى في أعلاها بشريط حريري من اللون نفسه تتدلى منه كتل حريرية وتسمى السجاني (مفردها سجنية)، وهي الغطاء الذي يستر الدكاك المحيطة بالمجلس، وتوضع عليها وسائد القطن، ثم تفرش إما بالسجاد الإيراني الطويل، وإما بنوع من سجاد الصوف الإيراني الذي يسمى الوجاهات (مفردها وجاه) وهذا حسب مركز العائلة؛ فإن كانت الأسرة ميسورة الحال كان الفرش كله من السجاد الإيراني.
 
أما أرضية المجلس فتفرش أولاً بالحصير المشغول الوارد من الهند، ثم تفرش كاملة بالسجاد الإيراني، بحيث يكون الفَرْش شاملاً المجلس كله، وتوضع في وسط المجلس مائدة كبيرة من الرخام، ذات قاعدة ثلاثية أو رباعية من الخشب الأسود المتين، وتزين جدران المجلس بالمرايا كبيرة الحجم، والمحلاة بإطار من الخشب الملبس بالذهب، ويكون من الخشب المنحوت نحتًا فنيًا دقيق الصنعة رائع الجمال. وتزين بعض المجالس بأرفف خشبية ترص فيها الأواني الصينية من الصحون والزبادي الكبيرة المحلاة بالنقوش الخضراء الجميلة، وهي صناعة صينية أصلية أو أوروبية مقلدة تقليدًا دقيقًا، ولا تستعمل هذه الصحون - أو بعضها - إلا في المناسبات المهمة، والولائم الكبيرة.
 
أما المقعد  فهو غرفة واسعة يجلس فيها صاحب البيت مستقبلاً زواره من الرجال، ولها نوافذ تطل على الشارع، وفيها روشان أو اثنان حسب سعة الغرفة وموقعها، ويفرش الروشان أو الروشن بوسائد من القطن أو الطرف حسب قدرة صاحب البيت، وتغطى بسجادة فارسية، وتدار حولها المساند، وهي كذلك من القطن أو الطرف، وتلبس عادة بقماش متين مخطط وملون من القطن، أما أرض المقعد فيوضع بها بعض الكراسي من الخشب أو الخيزران.ب - الغرف والصالات الداخلية:
 
يفرش الديوان  (الذي يتوسط الدور الأرضي من البيت) بمثل فرش المقعد المذكور سابقًا. أما المؤخر (وهو الغرفة الثانية في البيت، وغرفة المعيشة التي تقضي الأسرة فيها معظم الوقت، وبها نافذة كبيرة) فأثاثها أقل من مستوى أثاث المجلس، وتوضع بجانب النافذة - إن كانت الغرفة واسعة - دكة من الخشب، أو يكتفى بوضع شلت أرضية من القطن في أرضية الغرفة التي تفرش بسجاد أقل قيمة من سجاد المجلس، أو بحنبل هندي وهو بساط من القطن المخطط الذي يجمع بين اللون الأخضر والأصفر أو الأبيض، ويوضع بعض المساند القطنية ليستند الجالس إليها، وبعض الوسائد. وفي هذه الغرفة توضع دائمًا آنية الشاي والقهوة، وهي (سماور) لغلي الماء الذي يصنع منه الشاي أو القهوة، وبعض الأباريق التي يصنع فيها الشاي، والإناء الذي تصنع فيه القهوة واسمه (الجزوة)، وهذه الأواني في مجموعها تسمى (الجزة)، وهي التي تعرف في نجد بالمعاميل. أما فناجين الشاي فهي من الزجاج، وكان أحسن أنواعها (المسكوفي) وهو من الزجاج المتين الناصع، وله يد صغيرة يمسك بها الشارب، وتحلى شفة الفنجان بخط دائري ذهبي اللون. أما الأباريق فأحسن أنواعها الصيني. وفي هذه الغرفة تتناول الأسرة طعامها الذي يوضع في تبسي (صحن) كبير يكون من النحاس أو (التوتوة)، وتفرش تحته سفرة على أرض الغرفة تتحلق الأسرة حولها لتناول الطعام  
 
أما الصفة (وهي غرفة صغيرة تقع دائمًا بين المجلس والمؤخر) ففيها يوضع صندوق الملابس؛ وهو من خشب السيسم  الذي يكون محلَّى بزخارف نحاسية كثيرة ذهبية اللون، وله قفل كبير، وأغلى أنواعه كان يرد من الهند، وفيه توضع الملابس المهمة للأسرة، كل نوع منها في صُرَّة (بقشة) مستقلة، وفيه درج لحفظ المجوهرات الثمينة التي تخص ربة البيت وبناتها، ولا تزال البقية الباقية من هذه الصناديق موجودة تحتفظ بها بعض الأسر على أنها أثر جميل من الماضي. وإذا كانت الأسرة لا تملك صندوق السيسم فهناك نوع آخر من صناديق الملابس هو السحارة؛ وهي صندوق من الخشب أيضًا، ذو صناعة محلية له غطاء في أعلاه مثل غطاء صندوق السيسم، تستعمله الأسر التي هي دون المستوى المتوسط اقتصاديًا لحفظ الملابس، أما الأسر ميسورة الحال فتستعمله لحفظ بعض الأطعمة مثل الحلويات والمربيات والأجبان والزيتون وما إليها.
 
وتُكسى واجهة السحارة  بقماش متين محلَّى بالأشجار وله لون زاهٍ، ويكون من نوع القطيفة، كما تُحلى جوانب السحارة بحليات من المعدن الرخيص، إلا أنها لامعة وبراقة، ويوضع فوق غطائها قفل لحفظ ما بداخلها.
 

الطهارة (بيت الماء)

 
وهو غرفة صغيرة فيها المرحاض، وحنفية مبنية من الحجر لها صنبور لنـزول الماء، وأغلب البيوت كانت تضع الماء في أزيار كبيرة أشهرها (الزير المغربي)؛ وهو من الفخار المتين، ويستوعب كمية كبيرة من الماء. وهناك (المغراف) الذي يغرف به الماء، وحذاء يسمى (القبقاب) يستعمل عند دخول المرحاض، وهو من الخشب المنحوت. وأرضية الحمام مبلطة تبليطًا جيدًا بالنورة المخدومة (الجص) منعًا لتسرُّب الماء. وقد كان المروش (مكان الاستحمام) مفصولاً عن المرحاض في غرفة أخرى، ويوجد فيه ما يُحتاج إليه في عملية الاستحمام من الطشت والمغراف ونحو ذلك.
 

المطبخ أو المركّب

 
ولم تكن القهوة أو الشاي يعدّان في المطبخ، ولذلك فقد كان المطبخ يخلو من الأباريق والأكواب وما يتعلق بها. وكان الفحم البلدي هو المستعمل لطبخ الطعام، وفي المطبخ مكان لحفظ الأواني من القدور الكبيرة والصغيرة،  وكانت تستعمل من النحاس وتبيض في كل عام قبيل رمضان، ثم استُعملت (القدور التوتوة) التي لا تحتاج إلى تبييض، وكذلك الصحون و (التباسي) التي يوضع فيها الطعام، فهي إما من التوتوة، أو من الخزف وهو الأفضل. أما أواني المائدة من (الصيني) فإنها كانت خاصة بالولائم الكبيرة، وتستأجر من أشخاص معروفين يقومون بتأجيرها للراغبين، هذا بالنسبة إلى السواد الأعظم من الناس  ،  أما الأغنياء فقد يتوافر لديهم مثل هذه الأواني في منازلهم كلٌّ حسب رغبته وحاجته.
 

بعض أنواع الأواني والأدوات المنـزلية المتفرقة

 
بالإضافة إلى ما ذكر فقد شاع لدى الناس استخدام عدد من الأواني والأدوات المتفرقة التي ليس بالضرورة أن توجد كلها في منـزل واحد، بل إن بعضها يكفي أن يوجد منه واحد أو اثنان في الحارة أو الحوش، وكان من المقبول اجتماعيًا والمرغَّب فيه شرعًا أن يعير الجار جاره بعض هذه الأواني والأدوات عند الحاجة إليها، في جو من الألفة والمودة وبطريقة بسيطة وتلقائية، ويبين الجدول نماذج من تلك الأدوات على سبيل المثال لا الحصر.
 
شارك المقالة:
63 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook