الاحتفال بالمناسبات الاجتماعية في منطقة نجران في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الاحتفال بالمناسبات الاجتماعية في منطقة نجران في المملكة العربية السعودية

الاحتفال بالمناسبات الاجتماعية في منطقة نجران في المملكة العربية السعودية.

 
أ - الزواج: 
 
تبدأ مراسم الزواج في منطقة نجران بأن يذهب والد العريس وابنه العريس ومعهم بعض الأقارب إلى والد العروس - أو ولي أمرها - ويطلبون يدها منه، وبعد أن يوافق يُتفق على المهر ويُحدد موعد الزواج.
 
وفي صباح يوم الزواج يحمل العريس وإخوانه المهر المتفق عليه وبعض المواد الغذائية والفرش والأواني إلى منـزل العروس، فيستقبلهم والدها ويدعوهم إلى تناول طعام الإفطار والقهوة، وفي المساء يجتمع الجميع في منـزل والد العروس ويتناولون طعام العشاء، وتُؤدى الرقصات الشعبية بهذه المناسبة ويُعقد عقد الزواج، ومن الأبيات التي تُردد في هذه المناسبة:
 
اخـطب بنـات الشـجاع اللِّـي على خيَّه     يـاتي  ولدهـا  عـريب الجـدِّ والخـالي
وحــاذر  بنــت الهــداني يالفيافيَّـه     يــاتي  ولدهـا مـع الوقعـات فشَّـالي
والبيتان ينصحان الشخص بأن يختار زوجته من أسرة مشهورة بالشجاعة؛ كي يأتي الولد يشبه أخواله وأجداده؛ لأن (العرق دساس)، ويحذِّر البيتان من الزواج من بنت الشخص الذي لا خير فيه، فولدها سيجلب العار والفشل لأسرته.
ومنها:
 
عسـى  اللـه يبنـي بيتكـم يالمعرسـين     يـاللِّي  جــعلتو ليلــةٍ مــا مثلهــا
خــذتو  صبـيٍّ شـاجعٍ عقلـه رزيـن     مــاهو  يبــابي عنــد ردّ ســلالها
وكلمة (شاجع) تعني شجاع، وفي الأبيات دعاء بأن يقوم بناء أسرة العروسين على أساس متين تعمره القيم الرفيعة، فقد أقام أهلهما احتفالاً ليس له مثيل، وتهنئ أهل العروس بأنهم كسبوا لابنتهم شابًا شجاعًا ذا عقل راجح، لا يتلعثم في المواقف التي تتطلب الجرأة والإقدام.
وكانت العادة أن يقيم الزوج عند أهل زوجته ثمانية أيام قبل أن يأخذها لتقيم في بيته.
 
ب - الاحتفال بالمولود:
 
لا شك في أن قدوم المولود يُسعد والديه ويُفرح أقاربه. وقد كانت الفرحة بولادة المولود الذكر سابقًا أكبر وأعم من ولادة الأنثى؛ وذلك بسبب ما كان شائعًا من حروب وفتن كان عمادها الرجال، وبسبب ما كان عليه الناس من شقاء وتعب من أجل لقمة العيش فهم يأملون في أن يساعدهم أبناؤهم، كما كان للجهل دور بارز في ذلك. وكان والد الطفل - أو أحد أقاربه - يطلق أعيرة نارية لحظة تلقيه نبأ ولادته، وإطلاق النار تعبير عن الفرحة من جهة، وإعلام للسكان المجاورين بولادة المولود من جهة أخرى، فقد جرت العادة أن يعلم الناس عند سماع صوت الطلقات النارية أن فلانًا قد رُزق مولودًا ذكرًا، وهذه العملية لا تتم عندما يكون المولود أنثى.
 
ج - الختان:
 
من العادات الموجودة في نجران عادة الاحتفال بالختان، وكان ينفذ عملية الختان شخص ماهر خبير معروف بالمهارة والدقة هو (الختَّان)، وتكون هذه العملية في عمر متأخر نسبيًا، فقد يصل الصبي عند الختان إلى سن البلوغ أو قريبًا منه. ويقوم الختَّان بقطع ما يُسمى بـ (الرغلة) وهي قطعة الجلد الصغيرة التي تغطي ذكر الولد، ثم يتناولها الولد بيده ويركض بها في الحال مرددًا: (سلمت وهاتها يا أم الختين، وأبشري بسلامته).
 
وعندئذ تُطلق عيارات نارية، وبعد أن يركض الولد نحو 200 - 400م يعود إلى (الختَّان) ليداوي الجرح ويوقف النـزيف. وفي المساء تُقام مأدبة عشاء يُدعى إليها أفراد القبيلة والجيران، ولا بد من دعوة أخوال (الختين) حتى إن كانوا بعيدي المكان، وتُؤدى بهذه المناسبة الرقصات الشعبية التي تستمر أحيانًا حتى طلوع الفجر، ومن أمثلة الأبيات التي تُردد في الختان:
 
يا ساعة الرحمن يا راشدينه سمُّو لي المختون     وخــزا اللــه الشــيطان منـا بعيديـه
عمــــــــره طويليــــــــه     عمــره  بعمــر العــان ولا رعوميـه
أي أن ساعة الختان ساعة خير وبركة من الله، ويطلب الشاعر ذكر اسم المولود، ويتمنى له عمرًا طويلاً ومديدًا يضارع عمر (العان) و (رعومية) وهما جبلان.
وقد جرت العادة أن يدفع كل فرد من أفراد القبيلة مبلغًا من المال بالتساوي لوالد الختين تعبيرًا عن فرحتهم بختان الولد، وتأكيدًا لوالده على أن هذا الولد ولد للجميع، وأنه أصبح من أفراد القبيلة له ما لهم وعليه ما عليهم.
 
د - العزاء:
 
توجد عادة قديمة عند كثير من أهالي نجران؛ وهي أنه عندما يموت الشخص ويُغسل ويُكفن وتُؤدى عليه الصلاة ويُوضع في قبره؛ يذهب الذين تربطهم صلة قرابة أو جوار بعائلة الميت لتناول وجبة طعام عندها، على الرغم من أن المعروف في السُّنَّة أن يُجلب الطعام إلى أهل الميت ولكن جرت العادة على ذلك. ونلاحظ أنه في الوقت الحاضر يصر كثير من أهالي نجران على أن يستمروا مدة ثلاثة أيام في تقبُّل العزاء في منـزل أولاد المتوفى وأقاربه، وبعد ذلك إذا كان لهم واجب تعزية عند أحد من الأقرباء أو الجيران فلا مانع من قبوله بعد انتهاء مدة قبول التعازي والمواساة.
 
مظاهر الثبات والتغير
 
توقف الاحتفاء بالحجاج ليُسر الحج وسهولته، فقد تيسرت أمور الحجاج وأصبحت في متناول الناس رجالاً ونساءً بفضل الله ثم ما يعيشونه من رخاء وخير في هذا الوطن المعطاء.
 
وأصبح الإعلان عن بدء شهر رمضان يتم بوسائل الإعلام الحديثة، وتغيرت أحوال الناس وأصبحوا ينعمون بفضل الله وكرمه ونعمه الظاهرة والباطنة، وأصبح سكان منطقة نجران - مثل غيرهم من سكان المناطق الأخرى - لا يمارسون العمل في نهار رمضان إلا بما يقضي به الدوام الرسمي، أو ما تقضي به الحاجة التجارية ونحوها.
 
أما الاحتفاء بالعيد الآن فلا يستمر سوى مدة العطلة الرسمية المحددة، إذ إن الناس مرتبطون بأعمالهم، وفي العادة يجتمع أهالي كل قرية من الرجال عند كبير قريتهم لتناول طعام الغداء، وبعد ذلك يتوجه بعضهم إلى مكان الاحتفالات، وبعضهم يتجه لمعايدة الأقارب والأصدقاء، كما يقيم أهالي نجران في مقر الاحتفالات عرضًا للخيول.
 
وقد تغير كثير من أساليب الاحتفالات بالمناسبات الاجتماعية في المنطقة بتغير عناصر الحياة المختلفة، فقد أصبحت احتفالات الزواج تُقام في صالات الأفراح وقاعاتها، ولم يعد الزوج يقيم عند أهل زوجته ثمانية أيام، بل يأخذها إلى منـزله في الليلة نفسها، وفي الليلة التالية يقيم الزوج حفلة تُسمى (الحلال) - نسبة إلى المحل الجديد الذي سيقيم فيه - ويدعو إليها أهله وأقرباءه، أما النساء فإنهن يجتمعن في اليوم التالي في حفلة مختصة بهن دون غيرهن تُسمى (الثنوة)؛ وذلك لمشاهدة العروس في يومها الثاني وتهنئتها بالزواج.
 
وفي العقود الأخيرة أصبح الطفل يُختن في المستشفى في نهاية الأسبوع الأول من ولادته غالبًا، وتُقام له وليمة بذبح ذبيحة - أو أكثر - تُسمى (عقيقة) ويُدعى إليها أقرباؤه وجيران الأسرة وأصدقاؤها، وإذا كان هذا الطفل هو أول مولود في الأسرة أو جاء بعد عدد من الإناث فإن مظاهر الاحتفال تكون أكبر وأضخم.
 
ولا شك في أن الإيمان الذي تأصل في النفوس والرضا بما قسم الله قد ضيقا الهوة بين مظاهر الفرح بولادة الذكر ومظاهره عند ولادة الأنثى، وكذلك توسُّع دور الفتاة في عصرنا الحاضر الذي أصبحت فيه من دعائم القوة والبناء للمجتمعات، إذ تُعد الفتاة عنصرًا رئيسًا في بناء المجتمع المعاصر انطلاقًا من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وتمشيًا مع القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة.
 
وبالنسبة إلى مراسم العزاء فقد أصبحت بسيطة وخالية - في الغالب - من الوجبات التي يقدمها أهل الميت، وإن كان بعضهم يصر على أن يستمر العزاء ثلاثة أيام، ويصحبه تقديم وجبات للمعزين من أهل الميت أو أقاربهم.
 
شارك المقالة:
508 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook