ينبني الإسلام على أمورٍ عدّةٍ، ومن أهم هذه الأمور وأعظمها: الصلاة؛ حيث إنّها عمود الدين، والركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، كما أنّها تميز بين المؤمن والكافر، فهي الحدّ الفاصل بين الكفر والإيمان، ودليل ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (بينَ العبدِ وبينَ الكُفرِ تركُ الصَّلاةِ)، وروي عن الصحابي عبد الله بن مسعود أنّ الصلاة تعدّ من آخر الأمور التي تُفقد من مظاهر الدين، فالله تعالى أمر بالمحافظة على أداء الصلوات في الأوقات المشروعة لها، حيث قال في القرآن الكريم: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)، وفي المقابل نهى الله تعالى عن تضييع الصلاة وتفويت أدائها في وقتها، ودليل ذلك قوله عزّ وجلّ: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ)، والمقصود بلفظ "ساهون" في الآية السابقة: هم الذين يؤخّرونها عن وقتها المحدد لها، ولكي يصل المؤمن إلى الخشوع في الصلاة مع أدائها في وقتها؛ لا بدّ له أن يؤديها جماعةً مع المسلمين، فبها يحصل المسلم على حياة القلب، ويتحقّق الوصل بينه وبين خالقه، وينال السعادة في الحياة الدنيا وفي الحياة الآخرة.
التشهّد اسمٌ ويقصد فيه قول التحيّات والصلوات التي تكون في الصلاة والتي تصدر من المصلّي؛ أي قول: أشهد ألّا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله، والمراد بالتشهّدين؛ أيّ التشهّد الأول والثاني في الصلاة التي تزيد عن ركعتين، ووردت عدّة صيغٍ للتشهّد والصلاة على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الصلاة، والأفضل للمسلم أن يتحرّى ويجتهد في الإتيان بجميع الصيغ المرويّة عن النبيّ عليه الصّلاة والسّلام، فمرّةً يقول صيغةً ما، ومرةً أخرى يقول صيغةً مختلفةً عن المرّة الأولى؛ ليصل إلى تمام السنّة الواردة، ولكن إن كان ذلك شاقّاً عليه فلا حرج في أن يقتصر على بعض الصيغ المرويّة، حيث ورد أنّ عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يتشهّد بقول: (التَّحيَّاتُ للهِ والصَّلواتُ والطَّيِّباتُ السَّلامُ عليك أيُّها النَّبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه السَّلامُ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصَّالحينَ أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُه ورسولُه)، كما أنّه قد وردت عدّة صيغٍ للصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ومن ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه، حيث قال: (اللهمَّ، صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما صلَّيْتَ على آلِ إبراهيمَ، وبارِكْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما بارَكْتَ على آلِ إبراهيمَ ، في العالمين إنك حميدٌ مجيدٌ)، غير أنّ الصلاة على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لا تكون في الجلوس الأول للصلاة الثلاثيّة والرباعيّة، وإن أدّاها المصلّي فلا بأس ولا حرج في ذلك، حيث إنّها مشروعةٌ ومستحبّةٌ.
بيّن العلماء أنّ الصلاة تتألف من أركانٍ وواجباتٍ وسننٍ، وفيما يأتي بيانها بشكلٍ مفصّلٍ.
موسوعة موضوع