التكوينات الجيولوجية في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية.
تتعاقب التكوينات الجيولوجية في الرف العربي من المملكة من الغرب إلى الشرق؛ أي من الأقدم إلى الأحدث، بدءًا بتكوين ساق وانتهاء بتكوين النيوجين. وتنكشف الصخور الرسوبية في الرف العربي في وسط شبه الجزيرة العربية بصورة جيدة ورائعة في شكل حزام مقوس كبير على امتداد الحافة الشرقية للدرع العربي، مكوِّنةً حافات متماثلة في اتجاه الميل ذات مظهرٍ أخاذ وهي تواجه الغرب. والحافة ظاهرة جيومورفولوجية تتكون من حافة هي واجهة الكويستا (الجال)، وظهر هو ظهر الكويستا ويُسمى أحيانًا بمنحدر الميل (ويُسمى محليًا بالصفراء)، وبينهما يقع أنف الكويستا؛ وهو منطقة تقسيم المياه التي تفصل بين الأودية التي تنحدر على واجهة الكويستا والأودية التي تنحدر على ظهرها. وترجع نشأة ظاهرة الحافات في النطاق الأوسط من المملكة إلى وجود تتابع طبقات صخرية رسوبية متفاوتة في مدى مقاومتها لعمليات التعرية المائية، وتميل نحو الشرق والشمال الشرقي - بصفة عامة - بزاوية صغيرة تزيد قليلاً على درجة واحدة في الوحدات القديمة قرب الدرع العربي ونصف درجة في الوحدات الحديثة إلى الشرق؛ (خريطة 3) .
ولو رجعنا إلى التتابع الصخري من الأقدم إلى الأحدث في منطقة القصيم للاحظنا أن تلك الطبقات تتكون من صخور رملية أو جيرية صلبة ترتبط مباشرة بالحافات؛ أي بواجهة الكويستات؛ لهذا تُعرف الحافة أحيانًا باسم التكوين الصخري الصلب الذي ترتبط به، مثل: حافة ساق (تكوين ساق)، حافة تبوك (تكوين تبوك)، حافة خف (تكوين خف)، حافة الجِلْه (تكوين الجِلْه)، حافة المنجور (تكوين المنجور)... وغيرها. أما الطبقات الصخرية الضعيفة واللينة فهي ترتبط بتكوينات جيولوجية تقع عادة بين التكوينات الجيولوجية الصلبة وتفصل بينها، وهي تتكون عادة من صخور الطَّفْل أو الطين وتظهر عند أسافل الحافات، مثل طَفْل سدير . وفي القصيم يوجد عدد من التكوينات الجيولوجية، مثل: تكوين ساق، وتكوين تبوك، وتكوين خف، وتكوين طفل سدير، وتكوين الجِلْه، وتكوين المنجور. وقد قامت الزراعة على المياه الجوفية المخزونة في هذه الطبقات؛ وبخاصة تكوين ساق وتكوين تبوك
الإرسابات السطحية للزمن الثالث والزمن الرابع
يوجد عدد من مظاهر الإرساب والتعرية السطحية المتنوعة التابعة للزمنين الثالث والرابع والتي لا يمكن تصنيفها ضمن الطبقات الصخرية، ولكنها موجودة وتغطي مساحات كبيرة في أنحاء منطقة القصيم، مثل: السهول الحصوية، والقشرات الكلسية الصلبة، والإرسابات الفيضية، والسباخ، وفيما يأتي شرح كل نوع منها:
أ - السهول الحصوية:
توجد رقع صغيرة من السهول الحصوية منعزلة ومبعثرة على نطاق واسع تعود إلى أواخر الزمن الثالث في أجزاء تقع إلى الشرق من عنيزة عند دائرة العرض 10 َ 26 ْ شمالاً وخط الطول 09 َ44 ْ شرقًا بالعوسجية، وكذلك غرب جال خرطم. وتتكون السهول الحصوية غالبًا من حصى كوارتزية بيضاء مستديرة ذات أقطار تبلغ نحو 10سم، ينتظمها عادة نسيج بين تربي ورملي ضعيف الفرز
ب - القشرات الكلسية المتصلبة:
تُعد القشرات الكلسية المتصلبة أحد أنماط التجوية، وتتشكل بتراكم المعادن القابلة للذوبان عندما تُسحب مياه التربة الحاملة للمعادن إلى أعلى ثم تتبخر في ظل مناخات شبه جافة وشبه مدارية. وهذه العملية تجري عادة في ظل ظروف مناخية تتناوب فيها فصول الرطوبة والجفاف، إذ يحدث الارتشاح والذوبان خلال الفصل الرطب، وتتبعه عملية بخر وإرساب خلال الفصل الجاف. وتكاد جميع القشرات المتصلبة في المملكة توجد على الغطاء الصخري . وتتطور القشرة المتصلبة بأفضل صورها على الوحدات الصخرية التابعة للزمن الأول والزمن الثاني ابتداء من مدينة بريدة باتجاه الشمال الغربي
ج - الإرسابات الفيضية وضمور الأودية:
تعكس طبيعة الإرسابات الفيضية في المملكة وتوزيعها تأثير عدد من الفترات المطيرة خلال الزمن الرابع، وأغلب هذه الإرسابات قد أصابها حت شديد أو تبدلت خلال الفترات الجافة والمطيرة المتتابعة. وقد أرسب أغلب الطمي على الدرع العربي أثناء الفترات المطيرة الثلاث الأخيرة للزمن الرابع. ومن اليسير تمييز الطمي الحديث في الطبيعة والذي يختلف عن لون الصحراء الداكن. وعلى وجه العموم فإن أعظم قدر من المساحة السطحية على المراوح الفيضية والبدمنتات تغطيها الصبغات شديدة الدكنة
وتوجد مساحات كبيرة من السهول الحصوية المندمجة شبيهة الدلتاوات تنبثق من أنظمة صرف الأودية الرئيسة مثل: وادي السهباء، ووادي الدواسر، ووادي نجران. ويُظهر التوزيع الحالي للمنكشفات أنه قبل تكوُّن رمال الربع الخالي ونفود الجافورة كان جزء كبير من الأجزاء الموجودة عمومًا غرب خط الطول 00 َ 51 ْ شرقًا مغطىً بحطام صخري خشن حملته تلك الأودية
وفي الواقع إن الأودية في المملكة في مرحلة من الضمور؛ فقد لاحظ الجيمورفولوجيون أن بعض مجاري الأنهار لا تتناسب مع حجم الأودية التي تشغلها، وقد اصطُلح على تسميتها بالأنهار الضامرة، وقد يكون تعرُّج النهر صغيرًا جدًا بالنسبة إلى حجم الوادي فيُسمى بالنهر العاجز أو الضامر. وبما أن الأنهار تحاول جاهدةً الوصول إلى حالة من الاتزان بين حجم التصريف والإرسابات المنقولة وبين شكل المجرى؛ فإن أي تغير في هذه العلاقة يحدث تغيرات في شكل المجرى .
وتوجد أمثلة كثيرة في منطقة القصيم للأودية الضامرة، وأهمها وادي الرمة وروافده، وهو مثال جيد للأودية الضامرة؛ فالمياه الجارية الحالية في هذا الوادي لا تتبع المجرى القديم المطمور بالإرسابات التي أرسبت سابقًا.
د - إرسابات السباخ:
السبخة مصطلح عربي يُطلق على المسطحات الملحية الساحلية والداخلية؛ وهي أرض منخفضة تنتهي إليها مياه الشعاب المحيطة، وتتكون نتيجة إرساب الغريّن والطمي والرمل الطيني في منخفضات ضحلة قد تكون واسعة في بعض الأحيان، وغالبًا ما تتشبع الإرسابات بالملح نظرًا إلى انعدام تصريف المياه المتجمعة، وقد يكون لها قشرة ملحية. وفي الحقيقة فإن وجود الملح هو الصفة المميزة للسباخ، وهو يميزها عن القيعان المملوءة بالغرين نتيجة تجمع المياه فيها ولكنها من دون ملح، فهذه تُسمى قيعانًا (مفردها قاع). أما المملحة (وجمعها ممالح) فهو اسم يتكرر في المناطق الداخلية للدلالة على السبخة التي يُستخرج منها الملح، أو استُخرج منها في وقت من الأوقات، وبالتحديد فإن المملحة هي الحفرة أو المكان الذي يُستخرج منه الملح في السبخة. وفي القصيم يُستخرج الملح من سبخة الشقة .