الحرف والمهن في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
الحرف والمهن في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

الحرف والمهن في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية.

 
اشتغل سكان منطقة القصيم بعدد من الحرف المختلفة مثل الزراعة والتجارة والرعي. نتناولها بإسهاب وبخاصة الزراعة؛ لما لها من أهمية كبيرة لدى سكان المنطقة، ولا غرابة في ذلك؛ فالقصيم منطقة زراعية.
 
الزراعة 
 
لقد ساعد على تقدم منطقة القصيم زراعيًا منذ القدم إحاطة سورها بمزارعها، ولذلك فشلت كثير من محاولات حصارها إبان حروبها السابقة؛ نظرًا لأنها تكتفي ذاتيًا في غذاء سكانها ولا تحتاج للخارج وإن طال حصارها  .  كما ساعد في تقدم القصيم زراعيًا ونجاحها في هذا المضمار توافر المياه الجوفية فيها، إضافة إلى وجود التربة الصالحة للزراعة، خصوصًا التربة الفيضية القريبة من مجرى وادي الرمة وفروعه. ومع ذلك لم تكن الزراعة تمضي في أرض سهلة، بل كان المزارع يعاني من النفقات المالية والمجهود الجسماني منذ بداية زراعة أرضه، وتأتي في مقدمة ذلك صعوبة حفر الآبار؛ لأنها تقوم على الحفر اليدوي، وقبل بداية الحفر يجب على المزارع البحث عن المكان المناسب لحفر البئر في الأرض، وذلك عن طريق أناس متخصصين في معرفة الأمكنة التي يكون مستوى المياه فيها أقرب من غيرها، ويُسمى هؤلاء (سوَّاس الأرض)، وقد يخطئون أحيانًا ولكنهم كثيرًا ما يصيبون  
 
ثم تبدأ عملية الحفر من قِبَل عمال مختصين بهذا الأمر، ويكون حفرهم يدويًا بوساطة أدوات من الحديد يستعملونها، ويعاني هؤلاء الحفارون من عملهم هذا فيُصابون بالأمراض وقد تودي بحياتهم، وكان عمق الآبار في القصيم عامة قليلاً إذا نُسب إلى المناطق الأخرى، فهو يراوح ما بين 10 و 15م تقريبًا.
 
"أما رفع الفلاح المياه من الآبار لري مزرعته فيتم بطريقة (السواني)؛ وهي طريقة تعتمد على قيام الإبل برفع الماء عن طريق بكرة مثبتة على محور ودراجة فيما يُربط إناء الماء بين البكرة والدراجة، فيجر البعير الحبل باتجاه مبتعد عن البئر فيرتفع الإناء مملوءًا بالماء، ويكون ذلك تحت إشراف المزارع وترتيبه، وهو الذي يقوم بسوق الإبل التي تكون في الغالب اثنين من الإبل وأكثر، وبعضهم يستخدم البقر أو الحمير. ويحاول الفلاح التغلب على ما يجلبه مثل هذا العمل على نفسه من سآمة بغناء بعض القصائد الشعرية المعروفة في مثل هذا العمل ليبعد عنه السأم والنوم، خصوصًا إذا كان عمله هذا آخر الليل"  
 
ومع كل الصعوبات التي كانت تواجه المزارع حينذاك، استطاعت الزراعة في المنطقة أن تثبت وجودها، وأن تفي بحاجة السكان من محصولاتها. ولعل من أهم مزروعاتها - بالدرجة الأولى - النخيل، ليس لأن التمر غذاء السكان الرئيس حينذاك فحسب، بل لأن كل جزء من النخلة يخدم غرضًا خاصًا في حياة المجتمع؛ ومن ذلك استخدام جريدها لسقوف المنازل، كما يدخل سعفها في صناعة الحُصُر التي تُستخدم للجلوس عليها، وكذلك يُستعمل ما ييبس منها للوقود... وغير ذلك من الأغراض  .  وأنواع النخيل كثيرة منها: الونانة، والقطارة، وأم الخشب، والشقراء، والروثانة، والمكتومية، والسكرية، والحلوة، وأم الحمام... إلى غير ذلك من الأنواع المتعددة. وقد نجحت زراعة النخيل في منطقة القصيم منذ فترات بعيدة؛ ففضلاً عن الاكتفاء الذاتي من إنتاج التمور فقد صدَّر أهلها بعض إنتاجهم منها إلى مناطق أخرى مثل المدينة المنورة وحائل، وأصبح في القصيم عدد من الأسواق التجارية لبيع التمور.
 
وبجانب النخيل توجد أيضًا زراعة محصولات أخرى أهمها: الشعير، والسمسم، والدخن، والقمح... وغيرها من أنواع الحبوب التي تأتي في المرتبة الثانية بعد النخيل من حيث وفرة الإنتاج.
 
كما توجد محصولات أخرى تُزرع في المنطقة أيضًا من الخضراوات والفاكهة مثل: العنب، والتين، والرمان، والترنج، والبطيخ، والخوخ، والقرع، والباذنجان، وكذلك البصل والفجل.
 
وتتنوع الوسائل القديمة المستخدمة في الري والزراعة، وكذلك تتنوع المحصولات الزراعية، وذلك على النحو الآتي:
 
أ - وسائل الري القديمة:
 
1 - الجنـزير:
 
وهو مثل الساقية يجره حصان أو نحوه.
 
2 - الزعابة:
 
وهي بكرة عادية.
 
3 - السواني:
 
وتتكون من بكرة مثبتة على محور ودراجة بحيث يُربط إناء الماء  بين البكرة والدراجة، ثم يُجَر الحبل فيرتفع الإناء مملوءًا بالماء، وتُستخدم في طريقة السواني أنواع الماشية وبخاصة الإبل أو الحمير.
 
أما الأدوات التي تُستخدم مع السانية فهي:  
 
أ) الدراج:
 
تُستخدم لتسهيل عملية الغرب، وهي خشبة متينة من الأثل في طرفيها مسماران.
 
ب) المنحاة:
 
هي المكان المخصص لذهاب الإبل وإيابها عند إخراج (الغروب) من البئر محملة بالماء.
 
ج) المحالات: 
 
جمع محالة، وهي عجلة من خشب، في وسطها محور يثبِّت المحالة على (الدوامغ).
 
د) الأرشية:
 
جمع رشاء؛ وهو حبل من الليف محكم الفتل، يُربط طرفه في أعلى الغروب، وطرفه الثاني في (القتب) على ظهر الدابة.
 
هـ) السريح:
 
وهو حبل من جلد الإبل مربوط طرفه في (كُم القرب) وطرفه الثاني في (القتب).
 
و) القتب (الكتب):
 
ما يُوضع على ظهر الدابة لربط (السريح) و (الرشاء) به.
 
ز) الدوامغ:
 
جمع دامغة؛ وهي التي تحمل النبوع، وتتكون كل (محالة) من اثنين من النبوع يحملانها.
 
ح) الغروب:
 
جمع غَرْب؛ وهي دلو كبيرة تُملأ بالماء من البئر، وتصب في (اللزا).
 
ط) اللّزا:
 
وهو حوض تحت (الدراج)، تُصب فيه مياه (الغروب)، ثم ينـزل مع المجاري إلى السواقي حتى يبلغ الأحواض، وأصل الكلمة: اللزاء؛ وهو مأخوذ من (لزأت القربة) إذا ملأتها.
 
ب - الآلات الزراعية القديمة:
 
ومن أهمها:
 
1 - المسحاة:
 
تُستخدم لتقطيع الأرض وتقسيمها وغير ذلك، وتتكون من قطعة من الحديد بشكل مربع تقريبًا، ولها فتحة صغيرة يوضع فيها عود من خشب الأثل يبلغ طوله 1.5م.
 
2 - المدمثة:
 
تُستخدم لتسوية الأرض، ولتسوية (العيش) بعد غربلته، وتُسمى أيضًا (العرمة) وغير ذلك، وتتكون من عود طويل من الخشب يُقدَّر طوله بـ3م، وفي نهايته قطعة من الخشب بشكل مثلث.
 
3 - المخلب (المنجل):
 
يُستخدم في حصاد البرسيم ونحوه من الزروع، ويتكون من قطعة من الحديد محدبة الشكل، له أسنان صغيرة من جهته الأخرى، وله مقبض من الخشب.
 
4 - الجرين (الصفاة):
 
وهو بشكل دائري، مساحته كبيرة، وأرضه غالبًا ما تكون مطلية بالأسمنت، ويُستخدم الجرين في مراحل تصفية (العيش) وتنقيته وتعبئته، وفي نشر (العيش) على جوانبه.
 
5 - الدواس (طرقة الدواس):
 
وتكون بوساطة الحيوانات وبخاصة البقر، إذ تقوم بالدوران على (العيش) وهو في سنابله حتى يصبح حَبًا، وبعد تقليبه مرة أخرى تأتي مرحلة (الصباب).
 
6 - الصباب:
 
هذه المرحلة يقوم بها الرجال والنساء، إذ يملأ الشخص (المحفر؛ أو الزنبيل) بـ (العيش) ويضعه على رأسه، ويضع كف يده عند نـزول (العيش) من الأعلى ويمسك باليد الأخرى (المحفر) ثم يبدأ بصب (العيش)، وبعد مرحلة الصباب تأتي مرحلة الغربلة.
 
7 - الغربيل:
 
ويُستخدم لغربلة (العيش) بعد دواسه وصبه، وهو بشكل مستطيل في أسفله شبك من الحديد، وله أربعة مقابض من جهتين متقابلتين، فهو يُربط من جهة بالحبال ويمسك به الشخص من الجهة الأخرى، ويقف بجواره شخص آخر ليضع (العيش) في وسط الغربيل، ويُسمى (العيش) الذي يتكون تحت الغربيل بعد ارتفاعه (العرمة).
 
8 - المنخل: 
 
يكون بشكل دائري فيما تكون حافته مرتفعة وفي أسفله شبك من الحديد. تقوم النساء بهذه المرحلة؛ إذ تقوم المرأة بنخل (العيش) وهي جالسة، وبعد هذه المراحل يصبح (العيش) صافيًا من الشوائب ونقيًا، فتتم تعبئته في الأكياس المعدَّة لذلك.
 
9 - الفاروع:
 
وهو عود من الخشب يبلغ طوله 1م، وفي أسفله قطعة من الحديد في وسطها فتحة يدخل فيها العود، ويُستخدم الفاروع لقطع الأشجار والحطب وغيرهما.
 
10 - القَدُّوم:
 
وهو شبيه بالفأس، إلا أنه يُستخدم من جهة واحدة، إذ إن الفتحة تكون في أعلى الحديدة.
 
11 - العتلة:
 
وهي قطعة مستقيمة من الحديد، يزيد طولها على 1م، أحد أطرافها مدبب، وتُستخدم لحفر الأرض الصلبة وغير ذلك.
 
12 - المقلاع: 
 
يتكون المقلاع من قطعة صغيرة من الجلد يُربط في طرفيها حبلان. ويستخدمه المزارع عند استواء الزرع لإبعاد الطيور - وبخاصة العصافير - عن أكل (العيش) من السنابل؛ إذ يوجد وسط الزرع مكان مرتفع يجلس فوقه الشخص ويُسمى هذا المكان (الشرشع)، ويكون معه عدد كبير من الحصى الصغيرة يستخدمها في المقلاع.
 
13 - الكَر: 
 
ويُستخدم في الصعود إلى أعلى النخلة، خصوصًا إذا كانت طويلة، ويكون الصعود إلى أعلى النخلة في موسم التلقيح، والتعديل، والخراف، والجداد. ويُصنع (الكَر) من جلود الإبل بعد تجفيفها، ويُصنع كذلك من الحبال المختلفة.
 
14 - المطحن:
 
يكثر استخدام المطحن أثناء موسم (الخراف) والمقصود به: خراف التمر والرطب من القنوان؛ إذ يوضع في وسطه التمر. وهو بشكل مقعر مرتفع الجوانب ومصنوع من الخوص، وله مقبض من الحبال من الأعلى  
 
ج - المحصولات الزراعية:
 
تتنوع المحصولات في منطقة القصيم، ويمكن تقسيمها إلى الآتي:
 
1 - التمر:
 
يعتمد السكان اعتمادًا رئيسًا على منتجات النخيل، فهم لا يستغنون عنها أبدًا، وقبل عقود قليلة كان التمر الغذاء الرئيس لدى الجميع، ويمكن الحصول عليه بأحد الشكلين الآتيين:
 
أ) البسر:
 
وأهم الأنواع التي تؤكل بسرًا هي:
 
1) البرحية:
 
وهي صفراء مستديرة، وتُعد من أفضل الأنواع، وقد انتشرت في العقود الأخيرة.
 
2) الروثانة:
 
وهي صفراء مستديرة، قريبة الشبه من البرحية.
 
3) الحلوة:
 
وهي حمراء كبيرة الحجم، وتؤكل بسرًا ولو كانت خضراء.
 
4) أم كبار:
 
وهي صفراء كبيرة الحجم، أكبر قليلاً من (المكتومية).
 
5) السلَّجة:
 
وهي صفراء طويلة الحجم، وقد تؤكل هذه الأنواع رُطَبًا، كما أن بعضها يمكن كنـزه.
 
ب) الرُّطَب:
 
أما أهم الأنواع التي تؤكل رطبًا فهي:
 
1) السكرية: 
 
وهي صفراء، متوسطة الحجم، وتُكنـز غالبًا، وهي من أفضل الأنواع.
 
2) الشقراء:
 
وهي حمراء، وتكون أصغر من الحلوة، وتُوجد بكثرة.
 
3) أم الخشب:
 
وهي حمراء، وتشبه الحلوة.
 
4) الكويرية:
 
وهي صفراء، مختلفة الحجم، كثيرة الدبس.
 
5) المكتومية:
 
وهي صفراء، حجمها أكبر قليلاً من السكرية.
 
6) الونانة:
 
وهي حمراء، مستطيلة، حلوة.
 
7) اللاحمية:
 
وهي حمراء، متوسطة الحجم.
 
8) الخضرية:
 
وهي حمراء، متوسطة الحجم أيضًا  
 
2 - الحبوب:
 
أ) القمح: 
 
هو أهم أنواع الحبوب وأشهرها؛ إذ يتصدر جميع الأصناف في اتساع أراضيه المزروعة وقيمته الاقتصادية، وهو غذاء رئيس للسكان قديمًا وحديثًا. وتبدأ زراعته في أول الشتاء ويُحصد في أول الصيف وتستغرق هذه الفترة ما بين 5 و 6 أشهر. وهو أنواع بعضها أفضل من بعض؛ فيوجد (اللقيمي) و (المعية) و (البُرّ)... وغيرها.
 
ب) الشعير:
 
يأتي إنتاجه بعد القمح، وينتفع به المزارعون غالبًا قبل أن يثمر فيتخذونه علفًا للماشية، كما ينتفعون بحبه في تغذية الماشية أيضًا، وبخاصة الأغنام.
 
ج) الذرة: 
 
من المحصولات الصيفية، وهي أنواع منها: الذرة الرفيعة العربية، والدّخن (الدقسية)، والمليساء، وكان في السابق يُعد غذاءً رئيسًا  
 
شارك المقالة:
162 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook