قبل التعرّف على الأدعية التي تُدعى للشهيد، لا بدّ من بيان المقصود بالشّهيد فيما يأتي:
كرّم الله -سبحانه- الشّهيد، ورفع منزلته، وعدّه في أعلى مراتب الجنّة، وما استحقاق الشّهيد لهذه المرتبة العظيمة إلا بسبب تضحيته بنفسه في سبيل الله، والنفسُ أقصى ما يمكن أنْ يضحّي به الإنسان في حياته؛ فاستحقّ الشّهيد التكريم والتفضيل، ولقد بلغت مكانته في الإسلام مبلغاً عظيماً عندما تمنّى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أن يُقتَل شهيداً في سبيل الله تعالى، والمسلمون عبر التاريخ الإسلامي يحفلون بالشهداء، ويذكرون فضلهم، ويعترفون بتضحياتهم، وينقلون سيرتهم الزّكية للأجيال، فمن هو الشّهيد في المفهوم الشرعي، وما هي مزاياه وعطاياه، وهل الشُّهَداء من أصحاب الشفاعة، وما واجب المسلمين تجاه الشهداء، وهل من البرّ أنْ ندعوَ لهم؟
من كرامات الشّهيد عند الله -عز ّوجلّ- أن أكرَمَهُ بقبول شفاعته لأهل بيته، وقد أثبتت الأدلّة ذلك، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (يَشْفَعُ الشّهيدُ في سبعينَ من أهلِ بيتِه)، وأهل بيته هم أقاربه على وجه العموم، وتدخل في الأقارب زوجته وقرابته، ولا تمنع الكبائر من قبول الشفاعة إذا أذِنَ الله سبحانه وتعالى، ولكنّها لا تُقبَل في حقّ الكافر، أو من فعل فعلاً يُخرجه من الإسلام، مثل: تارك الصلاة مع إنكار فرضيّتها.
وفي حُكم الدّعاء للشهيد فإنّه يكون من جُملة دعاء المسلم لأموات المسلمين، ولا حرجَ في ذلك؛ لأنّ في الدُّعاء رحمةً لهم؛ فيدعو المسلم لمن مات شهيداً بأن يرحمه الله تعالى، ويتجاوز عن سيّئاته، ومن الأدعية المأثورة لأموات المسلمين:
وممّا كان من سُنّة نبيّنا -صلّى الله عليه وسلّم- تجاه الشّهداء، ما يأتي:
لقد صوّر القرآن الكريم والسُّنة النبويّة الشريفة الشّهيدَ بأبهى صورةٍ، ممّا يؤكّد فضله وعُلوّ منزلته، فوصفه القرآن بالحيّ، فقال الله سبحانه وتعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَـٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ)، والنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مع علوّ شأنه عند الله -عزّ وجلّ- يتمنّى الموت في سبيل الله تعالى، حيث قال: (والذي نَفسُ محمَّدٍ بيَدِه، لوَدِدتُ أنِّي أغزُو في سبيلِ اللهِ فأُقتَلُ، ثمَّ أَغزُو فأُقتَلُ، ثمَّ أغزُو فأُقتَلُ)، وجاءت الأحاديث الصحيحة لتؤكّد منزلة الشّهيد عند الله تعالى، وتمنّيه للعودة إلى الدنيا ليُقتَل في سبيل الله مرّةً أخرى؛ وذلك لِما يراه من كرامة عند خروج روحه، كما أكّدت الرِّويات أنّ الشّهيد صاحب منزلة عالية في الجنّة، وأنّ ريحه تعبقُ يوم القيامة مِسكَاً، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن مَكلومٍ يُكلَمُ في سبيلِ اللهِ إلَّا جاءَ يومَ القيامةِ وَكلمُه يدمى، اللَّونُ لونُ دمٍ، والرِّيحُ ريحُ مسكٍ).
موسوعة موضوع