المعالم التضاريسية بمنطقة عسير في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
المعالم التضاريسية بمنطقة عسير في المملكة العربية السعودية

المعالم التضاريسية بمنطقة عسير في المملكة العربية السعودية.

 
تحوي منطقة عسير تضاريس متنوعة تختلف في الغرب عن الشرق؛ ففي الغرب تسود الصخور النارية التي تتميز بصخورها الصلبة، وفي الشمال الشرقي تسود الصخور الرسوبية الأقل صلابة في جبال الوجيد. وتأخذ جبال الحجاز شكل جبال عالية وهضبة منبسطة يراوح ارتفاعها بين 1500 وأكثر من 2430م، وقد أدت عوامل التعرية المختلفة إلى وجود مظاهر تضاريسية مختلفة؛ (خريطة 5) ، ويمكن تناول أبرز المعالم التضاريسية على النحو الآتي:
 
أ - البحر الأحمر: 
 
البحر الأحمر مسطح مائي ضيق يفصل شمال شرق إفريقية عن شبه الجزيرة العربية، وهو يرتبط بالمحيط الهندي في الجنوب، ويكاد يرتبط كذلك بالبحر المتوسط عبر خليج السويس. والبحر الأحمر أخدود محيطي ضيق يمتد لمسافة 2000كم طولاً تقريبًا، وهو يبدأ عند مضيق باب المندب الذي يصل بين المحيط الهندي والبحر الأحمر عبر خليج عَدَن، ويمتد من درجة عرض 00 َ 13 ْ إلى 00 َ 28 ْ شمالاً، وفي جزئه الشمالي يمتد منه ذراعان هما: خليج السويس، وخليج العقبة. ويصل عرض البحر الأحمر في الشمال إلى نحو 180كم، ويتسع نحو الجنوب حتى يصل إلى أقصى اتساع له عند منطقة جازان حيث يصل عرضه إلى 350كم، ثم يضيق مرة أخرى حتى لا يتعدى عرضه أكثر من 30كم عند مضيق باب المندب  
ويختلف توزع الجزر على طول الساحل الشرقي للبحر الأحمر نتيجةً لعوامل نشأة هذه الجزر، ويمكن القول: إن معظمها تكوَّن من شعاب مرجانية منخفضة وشعاب عائمة بالدرجة الأولى، بينما يندر وجود الجزر البركانية على الرغم من أن كثيرًا من الجزر الشعابية قد نمت فوق الصخور البركانية  
 
 
ب - سهول تِهامة: 
 
يُطلق اسم تِهامة - محليًا - على السهل الساحلي على طول البحر الأحمر والتلال السفحية المجاورة له، وهو يكوِّن منطقة تضاريسية انتقالية ضيقة بين رف البحر الأحمر وحافة مرتفعات السَّرَوات العالية إلى جهة الشرق، ويشتد ضيق السهل الشاطئي في الشمال؛ حيث يختفي بالفعل فوق درجة عرض 00 َ 27 ْ شمالاً عندما تطل جبال الحجاز وعسير على الساحل مباشرة، ولكنه يتسع على نحو يخلو من الانتظام تجاه الجنوب؛ فهو يبلغ 40كم بالقرب من منطقة جازان حيث أقصى اتساع له. ويمكن أن نَعُدَّ الجبال السفحية للحافة الجبلية التي تحفُّ بالسهل منطقة تضاريسية شبه متميزة من الناحية الطبيعية، وهي الجبال التهامية.
 
وتتكون تِهامة على طول هامشها ناحية البحر - بصورة رئيسة - من سطح ترسبي مرجاني منخفض، ولكنه يتدرج في الارتفاع ناحية الشرق ليصير سطحًا تحاتيًا أو بدمنتَ منحوتًا داخل الصخور الأساسية للدرع العربي. وتغطي جزءًا كبيرًا من بنية تِهامة وصخورها رمالٌ ريحية وجراول جرفتها الأودية من الجبال الساحلية، وتنبثق ألسنة من اللابة البازلتية على السهل بالقرب من محافظة جدة ومنطقة جازان. ولا يحصل الشاطئ الساحلي إلا على 50مم من المطر السنوي. وتقتصر الزراعة على الأودية الكبرى بصورة رئيسة في الجنوب؛ حيث يمكن استغلال مياه السيل المنحدرة من حافة مرتفعات السَّرَوات  
 
وفي تِهامة منطقة عسير يبلغ ارتفاع سهل تِهامة 3م عن مستوى سطح البحر في جزئه الغربي، ثم يتدرج في الارتفاع نحو الشرق وهو بدمنت منحوت في صخور القاعدة الأركية وصخور الزمن الثالث، وقد تم نحت البدمنت بعد آخر حركة تكتونية على طول منطقة القص التي تحدد الحافة الشرقية لأخدود البحر الأحمر، وتوجد لابات بازلتية ومخاريط رمادية متناثرة هنا وهناك فوق منطقة القص والأراضي التهامية المجاورة لها على مساحة كبيرة تمتد من جنوب محافظة القُنفُذة، كما توجد سباخ وشروم على الشاطئ في مواقع متعددة  
وتُعد حافة مرتفعات السَّرَوات مقسمًا مائيًا واضحًا بين مياه الأودية التي تنصرف نحو الشرق والأودية التي تنحدر إلى الغرب نحو سهول تِهامة. وفيما يأتي وصف لعدد من أودية تِهامة في منطقة عسير:
 
 
1 - وادي حَلِي: 
 
هو وادٍ عظيمٌ دائم الجريان معظم العام، وهو يجمع مياهه من شبكة كبيرة من الروافد التي تنحدر من حافة مرتفعات السَّرَوات، ويبلغ طوله 190كم. يبدأ وادي حَلِي مجراه من شمال رِجال أَلْمَع من ارتفاع شاهق (3015م)، ثم ينحدر نحو الجنوب الغربي لمسافة قصيرة، ينعطف بعدها إلى الشمال الغربي باسم وادي حَلِي، ثم إلى الشمال متتبعًا خطوط الانكسارات ومتجنبًا القمم العالية للجبال، وقبل وصوله الحَجَف بنحو 7كم يلتقي به من الشرق وادي قَضى، وفي جنوب مدينة مَحايل يتجه غربًا موازيًا لرافده الكبير وادي تَيَّة الذي يلتقي به شمال جبال القُرونة بعد أن يتجه نحو الشمال. ووادي تَيَّة وادٍ كبيرٌ ينحدر من المرتفعات نفسها التي يبدأ منها وادي حَلِي مجراه، ولكنه ينحدر شمالاً، بينما ينحدر وادي حَلِي جنوبًا، وبعد أن يتجه وادي تَيَّة شمالاً ينحرف مرة أخرى نحو الغرب حتى يلتقي بوادي حَلِي. وقد استُغل وادي حلي لإقامة طريق مسفلت يربط بين أَبْهَا ومَحايل ومدن الساحل.
 
وإلى الغرب من جبال المُرَبَّع (742م) تلتقي بوادي حَلِي من الشمال روافد كبيرة مثل: وادي بَقَرة الذي ينحدر من شفا حافة مرتفعات السَّرَوات إلى الغرب من مدينة تَنُومة بنحو 10كم فقط، ووادي الحَمْض ورافده وادي شَرِي الذي يسيل من غرب مدينة النَّمَاص بنحو 7كم فقط. ويلتقي وادي الحَمْض بوادي بَقَرة قبل التقائهما بوادي حَلِي، وبعد ذلك يستمر وادي حَلِي في اتجاهه غربًا بمجرى متعرج مع تلقي عدد من الروافد من الشمال ومن الجنوب تنحدر من جبال جُوَيِّن (839م) في الشمال، وجبال يَعَاء (1098م)، وجبل رَنْفَان (806م)، وجبال العُنُق (848م) من الجنوب. وبعد أن يجتاز المرتفعات الجبلية يدخل في نطاق الرمال الساحلية، وينتهي وادي حَلِي بالبحر الأحمر في أراضي سباخ عظيمة، وقد أُقيم عليه سد قبل وصوله مدينة كِيَاد.
 
 
2 - وادي يَبَة: 
 
يشبه وادي يَبَة وادي حَلِي في كثير من الخصائص ولكنه أقل منه من حيث الروافدُ. ويسيل وادي يَبَة من جنوب قرية العَقِيْقة جنوب بلاد بني عَمرو باسم وادي خاط الذي تتصل به روافد متعددة من جهة الشمال يمر أكثرها شمال مدينة المَجارْدة. وإلى الشرق من جبل البَكْرَتَيْن (1127م) يلتقي وادي خاط بوادي يَبَة الذي تسيل روافده الشمالية من شمال سَبْت شَمْران إلى الغرب من بَلْقَرن بنحو 10كم، كما يستقبل وادي يَبَة روافد من جبل ثَرْبَان (1746م)، وبعد أن يدور حول جبل البَكْرَتَيْن يتجه غربًا بمجرى متعرج ذي انحناءات كثيرة، وإلى الشمال من قرية الفالِق يتجه نحو الجنوب الغربي في أراضٍ رملية، ويمر بقرى القَوْز والصَّهْوة والقُحْمان في مجارٍ متعددة إلى أن ينتهي في البحر الأحمر. وتقوم زراعة لا بأس بها في القَوْز؛ نظرًا إلى توافر المياه التي يُحضرها سيل وادي يَبَة.
 
 
ج - جبال الحجاز: 
 
تُسمى هذه الجبال بالحجاز لأنها تحجز بين تِهامة ونَجْد، ويُسمى أعلاها (السَّراة). ذكر ياقوت في (معجم البلدان) أن "الحجاز جبال تحجز بين تِهامة ونَجْد يُقال لأعلاها السَّرَاة، كما يُقال لظهر الدابة السَّرَاة".
 
تمتد جبال الحجاز بشكل حزام جبلي على طول ساحل البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية واليمن، وهي تكوِّن حافة عظيمة خصوصًا في الجنوب، حيثُ ترتفع إلى نحو 3015م في بعض المواقع، وهي نتيجةٌ لما صاحَبَ تكوُّن البحر الأحمر من انكسار وخسف ورفع. ويراوح عرض هذا الحزام الجبلي بين 40 و 140كم، وتحاذيه من الشرق الهضاب الداخلية العظيمة مثل هضاب: نجران، وعسير، والحجاز، ونَجْد، وحِسْمى. وأقصى ارتفاع تبلغه هذه الجبال في المملكة هو 3015م فوق سطح البحر في جبل السَّوْدة قرب أبها، أما أعلى قمة فيها فهي جبل النَّبِي شُعَيْب في اليمن وارتفاعها 3620م. ويقل الارتفاع بالاتجاه شمالاً حتى يصل أدناه إلى 1000م فقط شمال غرب المدينة المنورة في الأراضي التي يصل فيها الحزام إلى أقصى اتساع له. وفي الشمال في محيط مَدْيَن تعود هذه الجبال إلى الارتفاع مرة أخرى ولكن لا تصل إلى ارتفاعها نفسه في الجنوب، فأعلى قمة جبلية في هذه الأراضي موجودة في جبل فَيْحان (2549م) في مجموعة جبال اللَّوْز. وهذه المرتفعات جبال انكسارية سلَّمية الشكل، تنحدر انحدارًا شديدًا نحو البحر الأحمر وتدريجيًا نحو الأجزاء الداخلية، ويمكن تقسيم هذه المرتفعات إلى ثلاثة أقسام هي: جبال السَّرَوات  في الجنوب، وجبال الحجاز الوسطى في الوسط، وجبال مَدْيَن في الشمال. وفيما يأتي يتم تناول القسم الأول الذي يقع في منطقة عسير:  
 
تنقسم جبال السَّرَوات إلى قسمين متباينين هما: الحافة الانكسارية، والمرتفعات الواقعة إلى الشرق من الحافة والتي تُسمى مرتفعات السَّرَوات. وتمتد مرتفعات السَّرَوات شمالاً حتى تطل على مكة المكرمة فتشمل محافظة الطائف.
 
ترتفع حافة جبال السَّرَوات بصورة فجائية من الجبال الساحلية في تِهامة وتصل إلى نحو 3015م عند جبل السَّوْدة، وتُعد هذه المرتفعات أكثر أراضي المملكة ارتفاعًا وأشدها وعورة، وتتميز تضاريسها بوجود سلاسل جبلية سكينية الحواف يتحكم بها التركيب الجيولوجي، وتوازي اتجاه الحافة من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي. وتكون الحافة خط تقسيم للمياه في شبه الجزيرة العربية يقسم شرقها عن غربها، فتتدفق المجاري العليا للأودية إلى جهة الغرب وتصب في البحر الأحمر عبر سهل تِهامة، وهي تتسم بتعمق مجاريها وثقل ما تحمله من إرسابات  
 
أما مرتفعات السَّرَوات فتقع على ارتفاع يزيد على 1400م، وتتكون من حزام ضيق من الأراضي المرتفعة التي يبلغ متوسط عرضها 50كم، وهي تسير موازيةً لحافة مرتفعات السَّرَوات نحو الشمال الغربي، وتتسم بالمجاري المتعمقة وبالانحدار نحو الشرق. ويتم صرف ما يسقط عليها من أمطار عن طريق نظامين كبيرين للأودية هما: وادي بِيشة ووادي تُرَبة اللذان ينتهيان في سهول وسط المملكة. وفي حافة مرتفعات السَّرَوات وفي مرتفعات السَّرَوات نفسها ينضم الارتفاع إلى تأثير الرياح الموسمية لتصبح هذه الأراضي أكثر أراضي المملكة تعرضًا للأمطار؛ إذ يصل معدلها إلى أكثر من 500مم في السنة في بعض الأمكنة في الحافة، وهي المواقع الوحيدة في المملكة التي يوجد فيها غابات مهمة، وتنتشر فيها زراعة المصاطب  
 
وهذا النمط من المصارف - التي تتدفق شرقًا أو إلى الشمال الشرقي، وهي ذات منابع قرب حافة مرتفعات السَّرَوات - قد تأثر تأثرًا قويًا برفع الدرع العربي وميله نحو الشمال الشرقي حيث توجد مصادر روافدها من الرتبة الأولى في الأراضي المرتفعة؛ حيث المطر أعظم كمية والتبخر أقل بالمقارنة مع سائر مناطق المملكة، ومن ثَمَّ نجد هذه الأودية تتلقى كمية كبيرة من السيول. وموقع هذه المصارف بالنسبة إلى الرياح الموسمية مهم أيضًا؛ فالرطوبة الآتية من الرياح الموسمية مسؤولة عن أغلب المطر في جبال السَّرَوات، كما ينعكس أي تغير في مسار الرياح الموسمية على كمية السيل في تلك المصارف؛ ولهذا السبب فإن أنظمة التصريف في جنوب غرب المملكة تُعد - على الأرجح - أشد المؤشرات حساسيةً بالنسبة إلى التغير المناخي في المملكة، كما أن اختلالات سلوك الرياح الموسمية مسؤولة أيضًا عن الأحداث المأسوية مثل الفيضانات والانهيارات الأرضية في كل من الدرع العربي والحافة المواجهة للبحر الأحمر  
 
وتُقسم جبال السروات إلى خمسة أقسام رئيسة   تُنسب - عادة - إلى أسماء القبائل التي تقطنها، وهي من الشمال إلى الجنوب:
 
 سراة ثَقِيف؛ وهي السراة التي تطل على عَرَفات وما حولها وتمتد نحو الجنوب.
 
 سراة بني مالِك من بَجِيلة.
 
 سراة غامِد وزَهْران؛  وهي تلي السراة السابقة وتتصل بها، وتنتشر في القسم الشمالي منها قبائل زَهْران، وتسكن القسم الشرقي منه قبيلة بني عَدْوان، وتسكن القسم الغربي منه قبيلة دَوْس، أما القسمان الجنوبي والشرقي من هذه السراة فتسكنهما قبيلة غامِد حتى بلاد خَثْعَم من الجنوب، وهي الفاصلة بين هذه السراة والسراة التي تليها.
 
 سراة الحَجْر، وتسكنها قبائل الحَجْر الأزدية القديمة، وتتصل بها من الناحية الجنوبية الشرقية سراة عسير.
 
 سراة عسير؛ وهي السراة الموجودة حول مدينة أبها وشرقها في سراة عَبِيْدة.
 
 
د - هضبة عسير: 
 
تقع هضبة عسير إلى الشرق من مرتفعات السَّرَوات، وهي تمثل هضبة انتقالية بين الجبال المرتفعة إلى غربها وهضبة نَجْد ذات الانحدار المتدرج إلى شمالها وشرقها. وهي جزء من السهل التحاتي القديم للدرع العربي، ويبلغ متوسط ارتفاعها نحو 1400م، وقد قطَّعتها المجاري المتعددة التي ينحدر معظمها نحو وادي تَثْليث ووادي بِيشة ووادي الدواسر، وهذه التعرية المائية الشديدة أدت إلى وعورة سطح المنطقة وكثرة فرائد الجبال التي توجد - عادة - بين مجاري الأودية بوصفها شواهد على تقدم عملية التعرية وعلى السطح القديم. وتقع هضبة عسير في ظل المطر لمرتفعات السَّرَوات، لذلك لا تستقبل من الأمطار سوى ما يراوح بين 100 و 300مم سنويًا.
ولا يوجد في هذه الأجزاء الفسيحة من الجبال المرتفعة أو البارزة سوى القليل مثل: جبال القَهَرة والوَجِيد، وماعدا ذلك فهي فرائد جبال لا ترتفع كثيرًا عما حولها  
 
 
شارك المقالة:
413 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook