المعتقدات الشعبية في العين والسـحر والـجن والـتداوي بالقرآن الكـريـم بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
المعتقدات الشعبية في العين والسـحر والـجن والـتداوي بالقرآن الكـريـم بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

المعتقدات الشعبية في العين والسـحر والـجن والـتداوي بالقرآن الكـريـم بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
 

العين (الحسد)

 
العين هي أن يصاب الإنسان بمرض أو خلل في جسده أو عقله أو ما يملكه، ويعزى هذا إلى شخص ما عرف عنه النظل أو النحت والحسد.، والتعوذ منها ومعالجتها، ولكن الناس قد خلطوا في معتقداتهم حول العين والحسد وفي طرق معالجتها والوقاية منها بين ما هو صحيح ثابت وبين خرافات المشعوذين، فكانت محاولات اتقاء العين ومعالجة المصاب بالعين تتأرجح بين الرقى الشرعية والممارسات المباحة، وبين المعتقدات الشركية والممارسات البدعية كما سيأتي.
 
لقد اعتاد الناس في معالجة من يعتقد أنه أصيب بالعين أو الحسد عادات مختلفة، ومن هذه العادات أنه إذا عرف الشخص الحاسد يطلب منه أن يقرأ على المريض، أو ينفث عليه (ينفخ عليه)، ولأنه ليس من اللياقة اتهام أي شخص بأنه الناظل فإن الناس يلجؤون إلى الحيلة، بحيث يدعون المشتبه به لشرب الشاي أو القهوة، ثم يقدمون له رطبًا أو تمرًا فيأكل منه، وبعد مغادرته يأخذون نوى الرطب أو التمر الذي أكله ويغمسونها في قليل من الماء ثم يسقونه المريض، وإذا تعذر ذلك لعدم قبول الحاسد زيارة منـزل المريض فإن أقارب المريض يحاولون الحصول على قطعة أو خيط من ملابس الحاسد أو شعره، فيقومون بوضعها في قليل من الماء، ثم يسقى الماء للمريض، وقد يأخذون من أثر الحاسد في الأرض عندما يسير حافيًا... وهكذا.
 
وإذا تعذرت معرفة هوية الناظل أو تحديدها فإن أحدهم يذهب إلى المساجد التي في القرية أو المدينة، ويقف على باب كل مسجد ومعه إناء فارغ أو يحتوي على كمية قليلة من الماء، ويطلب من الخارجين من المسجد النفث في الإناء مع قول (ما شاء الله تبارك الله) أو بعض الدعاء، ثم يؤخذ هذا الإناء ويصب فيه ماء، ويسقى جزء منه للمريض، والجزء الآخر يصب فوق وجهه ورأسه، أو يدهن به 
 
وإذا لم يشفَ المريض بعد هذا فإن أمامه خيارين: إما اللجوء إلى قارئ يقرأ عليه القرآن، وإما الذهاب إلى المشعوذين أيًا كانت الأسماء التي يتسمَّون بها، وهم يدَّعون أنهم يعالجون كل شيء، ومن ذلك الحسد الذي يصيب الإنسان في نفسه أو ماله أو بيته أو غير ذلك. فعلى سبيل المثال إذا أصيب أحد بخسائر كبيرة في تجارته أو قلَّ الإقبال على سلعه ما أصاب تجارته بالكساد والركود وشعر بأن نقوده قد نفدت منها البركة فإنه يذهب إلى المشعوذ ليعالج الحسد الذي أصاب تجارته بالكساد وأمواله بالنفاد، ويبعد خيوط الحسد التي تشابكت فأصابت تجارته الرائجة المنتشرة بالركود والانحسار والتقلص، فيكتب له وصفته التي يتم جمع أشتاتها في محل العطار بالنسب المطلوبة والمحددة؛ وذلك لمعرفة العطار المسبقة بما يطلبه المشعوذ من وصفات تتعلق بجوانب يعلمها العطار جيدًا، وتكون للعطار علاقة وثيقة بوصفات المشعوذ، وفي كثير من الأحيان يرسل المشعوذُ المريض إلى عطار معين بتنسيق مسبق بين الجانبين  . 
 
وفي بعض القرى - مثل العلا - إذا شعر المريض أو أهله أن مرضه بسبب العين (الحسد) ولا يعرف العائن فالعلاج أن يتبخر المريض ببخور يتكون من أنواع تعرف بما يأتي: شبة، فاصوخة، نقض الليل، نقض النهار، وهي حبيبات حمراء وسوداء، وبعدما يتبخر يفرغ ما في المجمرة في ماء ثم يكب في الطريق ليتخطاه المارة، وبذلك تفسد عينه كما يقال أي يبطل أثر الحسد، وكان الناس يقولون: كل عين تصيب إلا عين تذكر الله   بمعنى أن من يذكر الله عندما يرى ما يعجبه فإنه لا يصيب أحدًا بسوء أو شر.
 
وللوقاية من العين والحسد فهناك أيضًا التعوذ المشروع بالآيات والأدعية المأثورة، وهناك ممارسات مختلفة منها المباح ومنها المحرم ومنها ما يصل إلى حد الشرك.
 

 السحر

 
يعتقد كثير من سكان المنطقة أن السحر سبب في كثير من الأمراض النفسية والعضوية وأحيانًا بعض المصائب والكوارث مثل الحريق وغيره، وأن له علاقة بالعين كما له علاقة قوية بالجن. وقد ورد ذكر السحر في القرآن الكريم، وعرفه العرب والمسلمون وغيرهم من الشعوب عبر التاريخ، ولا يزال الناس في المنطقة يتحدثون عن السحر ويحذرون منه ومن آثاره، ويوجد هناك من تخصص في الرقى ومعالجة المسحورين بطرق شرعية أو غيرها.
 
ويكون السحر على أشكال متعددة، منها العُقَد التي تخفى أو تدفن في الأرض أو تلقى في البحر، ومنها ما يوضع مع الأكل فيؤكل أو مع الشراب فيشرب، ومنها ما يوضع مع الطيب والبخور فيستنشق. ويرى بعض سكان المنطقة أن أثر السحر لا يظهر على المسحور مباشرة بل قد يستغرق شهرًا أو شهرين ثم تبدأ المعاناة. وللناس في تفسير الإصابة بالسحر مذاهب مختلفة فيختلط المس بالجن - حسب بعض الروايات - بالسحر، وقد يقول بعضهم: إن الجن قد يتلبس المريض بسبب سحر عُمل له من قِبل أحد السحرة، وقد يتكلم المريض بصوت يعتقد أنه لجني عند القراءة عليه ويقول إنه لا يستطيع الخروج منه حتى ينفك السحر، وقد يزعم بعض المشعوذين مباشرة أن المريض تلبَّس به جني أو جنية بسبب سحر فلان أو فلانة من الناس.
 
والعلاج الشرعي لمثل هذه الحالات فهو بالرُّقَى المشروعة من القرآن الكريم للمصاب، والقبض على من يمارس السحر - إن أمكنت معرفته - وإجباره على إحضار عُقَده وأعماله السحرية، ويتم فكها مع النفث عليها بالقرآن الكريم فيشفى المصاب بإذن الله تعالى.
 

مس الجن

 
من المعتقدات الشائعة أن بعض الناس يصابون بمس من الجن، وهو أن يدخل الجن في جسد الإنسان ويستقر فيه، وتوجد طقوس وعادات ما زالت متبعة تصاحب عملية العلاج لما يعتقد أنه من مس الجن، ويتم اللجوء إلى بعض المشايخ من المعروفين بقراءة القرآن الكريم، وربما يذهب بعضهم إلى المشعوذين والسحرة ممن يدَّعون علاج المرض وإخراج الجن.
 
ومن الممارسات المتبعة في علاج المصابين بمس من الجن قراءة آيات أو سور معينة من القرآن الكريم على المريض، مع ذكر بعض الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم طلبًا لزوال المس بإذن الله تعالى.
 

التداوي بالقرآن الكريم

 
سبقت الإشارة إلى أنه من الأمور المشروعة أن تُقرأ على المريض - أيًا كان مرضه - آيات من كتاب الله مع بعض الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي نافعة - بإذن الله تعالى - مع تعاطي الأسباب الأخرى المباحة التي تم تجريبها من الأدوية والممارسات العلاجية المتنوعة.
 
وطريقة العلاج بالقرآن الكريم تكون بأن يستقبل القارئ المريض ويبدأ بالقراءة والنفث (النفخ) عليه مع إتمام كل آية، وكذا بعد ذكر أي دعاء وارد أو استعاذة. وهناك طريقة أخرى هي القراءة والنفث في الماء، ويفضل الناس أن يكون ماء زمزم الذي ورد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شفاء، ويمكن القراءة في غيره، ويحتفظ به المريض عنده ليشرب منه ويمسح وجهه وما أصابه.
 
كما يكتب بعض المشايخ بعض الآيات المعروفة بأنها تذهب أثر الحسد على جدار فنجان كبير أو صحن صغير، وتكون الكتابة بريشة تغمس في ماء الزعفران أو في الحبر العادي، ويؤخذ ذلك الفنجان أو الصحن، ثم يغسل بالماء ويسقى به المريض، ويرش جزء منه على رأسه ووجهه، وربما يغتسل بجزء منه، وتعرف هذه العملية بالمحو أو العزيمة، وقد تكتب الآيات في أوراق ثم تذاب في الماء فيشرب منه المريض المحسود، أو تحرق الأوراق فيتبخر بها 
 
شارك المقالة:
38 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook