اختلف العلماء في حكم صلاة ركعتي تحية المسجد أثناء خطبة الجمعة، وذهبوا في ذلك إلى قولين، هما:
واستند كلّ مذهبٍ في القول الذي ذهب إليه إلى عدّة أدلّةٍ من السنّة النبويّة، منها:
إلا أنّه يمكن الجمع بين أدلة الفريقين، والقول بأنّ ركعتي تحيّة المسجد مشروعةٌ، كما أنّ حكمها مستحبٌّ، إنّما الفعل الممنوع؛ هو تجاوز رقاب الناس والمشي بينهم والإمام يخطب.
أجمع فقهاء المذاهب الأربعة على أنّ الخطبة يوم الجمعة تعدّ شرط صحّةٍ لصلاة الجمعة، حيث أمر الله تعالى بالسعي إليها، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ)، كما أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- داوم على خطبة الجمعة بشكلٍ دائمٍ، وورد عن بعض الصحابة -رضي الله عنهم- أنّ خطبة الجمعة تعدّ بدل ركعتين من صلاة الظهر، كما اتّفق الفقهاء على شرطين لصحّة خطبة الجمعة، وهما: أن تكون بعد دخول وقت صلاة الجمعة، وأن تكون قبل الصلاة وليس بعدها، دون أن يُفصل بين الخطبة والصلاة بوقتٍ طويلٍ، حيث يجب الموالاة بينهما، واختلف الفقهاء في الشروط الأخرى لخطبة الجمعة، وهي: اشتراط النيّة؛ بأن ينوي الخطيب خطبة الجمعة، وهذا الشرط قال به فقهاء الحنابلة وبعض فقهاء الشافعيّة، واشتراط الجهر بالخطبة؛ ليتحقّق المقصود من الخطبة، وهذا شرطٌ عند عامّة الفقهاء، ما عدا فقهاء المذهب الحنفي، كما اشترط بعض العلماء عدداً معيّناً من المصلّين لإقامة صلاة الجمعة، كما اشترطوا أن تكون الخطبة باللغة العربية.
ويستحبّ في خطبة الجمعة أن يكون الإمام طاهراً من النجاسة ومن الحدث الأصغر والحدث الأكبر، ومرتدياً أحسن وأفضل اللباس، كما يستحبّ له أن يسلّم على الناس، ويخطب على المنبر؛ بحيث يكون مقابلاً للمصلّين، ويَعِظَهم ويرشدهم ويذكّرهم، مستعملاً الأسلوب الصادق الواضح المختصر، وأن تكون الخطبة قصيرةً، ويستحسن أن يجعلها خطبتين، ويجب على الخطيب أن يراعي أحوال وظروف الناس والمصلّين الذين يذكّرهم ويَعِظَهم، بحيث لا يحدّثهم بأمورٍ لا تُهمّهم وليست من شأنهم، ودلّت أقوال بعض أهل العلم أنّ المطلوب من الخطيب أن يعظ الناس بما يرقّق ويليّن قلوبهم، وأن تتحصّل لهم الفائدة، كما أنّ ممّا يضيف الكمال إلى الخطبة؛ حمد الله تعالى والثناء عليه، والصلاة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقراءة آيةٍ من آيات القرآن الكريم.
يُشترط في خطيب الجمعة أن يكون عالماً بأحكام الصلاة، ومتقناً لقدرٍ من القرآن الكريم؛ ليقرأه في إمامته للمصلّين، وأن يكون مشهوراً بحسن سيرته وباستقامة أخلاقه، ولا بأس إنّ كان يخطب بالناس من ورقةٍ أو من كتابٍ عند الحاجة، كما في حال عدم وجود الإمام الراتب؛ إذ إنّ ذلك أفضل من ترك الخطبة وأداء الصلاة صلاة ظهرٍ، ومن خطب بالناس؛ لظرفٍ طارىءٍ دون أن يكون على سبيل الدوام، فيشترط فيه سلامة لغته العربية، وأن يكون حافظاً لسورة الفاتحة وبعض السور القصيرة، والعلم بأحكام الصلاة، حيث أجاز المذهب الشافعي للإمام أن يكون حافظاً لسورة الفاتحة فقط.
موسوعة موضوع