من الغريب أن يجرى الحديث عن الإذن بالتسويق ، فماذا مثلًا إن لم يأذن العميل بذلك، لكن إذا عرفنا أن Seth Godin؛ المسوق المعروف، هو صاحب الفكرة، فستزول هذه الغرابة، فالرجل دائمًا يأتي بفكرة غريبة من طرح عادي أو مألوف.
يتعلق الأمر بمحاولة العثور على العميل الذي يسمح أن يؤدي معه المسوق مهمته، وأن يقدم هذا العميل إشارة ما _عبر ترك بريده الخاص على موقع ما للحصول على النشرة البريدية أو رسائل الدعاية وما إلى ذلك_ والتي من خلالها يتخذ المسوق الخطوة التالية لأداء مهمته التسويقية.
ولأجل ذلك يذهب Seth Godin؛ في كتابه: Permission Marketing، إلى أن الإذن بالتسويق هو نوع من أنواع المواعدة مع العميل؛ فالاستعداد الأوليّ الذي يبديه العميل هو الدافع المبدئي لتحرك المسوق تجاهه.
من بين المزايا الجمة التي تطرحها فكرة Seth Godin والذاهبة إلى أنه من الواجب الحصول من إذن من العميل قبل التعامل معه تسويقيًا، أنها تجنبنا العميل النافر؛ فطالما أن العميل هو الذي أبدى استعدادًا للحصول على الرسائل التسويقية فلن ينفر من المسوق، سواء في المرحلة الحالية أو فيما بعد.
لكن “Godin” يشير كذلك إلى أن “الإذن” هو خطة أكبر منه حدثًا لحظيًا عابرًا، فتردد العميل حيال علامتك التجارية _على سبيل المثال_ لا يجب أن يؤخذ على أنه أمر سلبي، أو محبط للمسوقين؛ فكون العميل مترددًا، معناه أنه بحاجة إلى مسوق محنك يدفعه لأخذ خطوة إلى الأمام.
وعلى ذلك، فإن اتباع طريقة التسويق بالإذن هي عبارة عن عملية تفاعلية، وحوار متبادل بين المسوق والعميل، لكن لكي تتم هذه العملية بهذا التفاعل وذاك الحوار لا بد من الحصول على إذن العميل، وهو أمر نادر الحدوث كما يشير Seth Godin؛ لكنه إن تم فسيعني أن العلاقة مع هذا العميل الذي أعطى فرصة التسويق له ستكون طويلة الأمد في الأغلب.
إن القول بضرورة الحصول على إذن من العميل لكي تصله رسائلنا التسويقية يعني أننا تولينا بالفعل دراسة هذا العميل، وتعرفنا عليه عن كثب، لكن اللافت في الأمر أنه هو الذي سمح بذلك.
فبمجرد دخوله على الموقع الخاص بك، ورغبته في الحصول على مجرد نشرتك البريدية الأسبوعية سيمنحك الفرصة لكي تدرسه عن قرب، وتتعرف عليه عن كثب، قبل أن تتوجه إليه.
صحيح أن التسويق المباشر ووسائل الدعاية والترويج العامة تعمل على محاولة الوصول إلى أكبر قدر من العملاء، سوى أن ذلك لا يعني أنها تنجح في مرادها وهدفها الأساسي، فعدد العملاء الفعليين الذين يتم الوصول إليهم وتحويلهم إلى عملاء مستدامين وفعليين قليل جدًا مقارنة بأولئك الذين وصلتهم هذه الحملات الدعائية.
يدرك Seth Godin هذه الحقيقة تمامًا، وعلى أنقاضها يقيم دعائم فكرته الجديدة «الإذن بالتسويق»، فهو يدرك أن عددًا قليلًا من العملاء الفعليين أجدى وأهم من عدد كثير من العملاء لا تجني الشركة من ورائه ربحًا يُذكر.
إن التعويل هنا على جدوى العملاء وليس عددهم، وعلى تأسيس علاقة تفاعلية طويلة الأمد مع العملاء، فمن خلال هذه العلاقة ستجني الشركة أرباحًا جمة، ومن ثم فإن العبرة هنا بأن يتم التركيز على العملاء الحاليين أكثر من السعي إلى جذب عملاء جدد.
توفر هذه الاستراتيجية جملة من المزايا والفوائد والتي يمكن الإشارة إلى بعضها على النحو التالي:
1- تكلفته أقل؛ فهو يوفر على الشركة دفع أموال في الدعاية لعملاء قد يكونوا غير مهتمين أصلًا.
2- يدّخر الوقت؛ إذ لن يذهب المسوّق إلى عميل ما إلا إذا وثق في أن هناك احتمالية كبرى لتدشين علاقة تسويقية مربحة ما.
3- استعداد العملاء لدفع الكثير من الأموال مقابل حصولهم على ما يريدون بالضبط، وادخار وقتهم كذلك.
4- إمكانية تحويل البعض إلى عملاء مدى الحياة.
إن العميل المتردد هو ذاك العميل الذي يمكن أن يكون عميلًا مستدامًا ويتعامل معك طوال الحياة فيما بعد، لكن عليك أن تنتبه إلى مثل هذا النوع من العملاء؛ ولكي يتم القضاء على هذا التردد لا بد من العمل على بناء ثقة متبادلة بينك “كمسوق” وبين العميل، لكن أمرًا كهذا سيستغرق بعض الوقت، وربما بعض المال كذلك.
ولكن لا تنسَ أن الحصول على ثقة العميل هو واحد من أهم الأهداف الأساسية التي يسعى المسوق إلى الوصول إليها، وثمة أمر آخر لا يجب أن تغفله، وهو أن تكرار الرسالة التسويقية إحدى أهم الوسائل التي يمكن من خلالها التأثير في العميل وربطه بالشركة ومنتجاتها.