ينطوي موضوع سلوكيات القائد الفعّال على أهمية كبرى، فكونك، مثلاً، مديرًا جديدًا في مؤسسة ما يعني أنك طوال الوقت خاضع لعملية فحص ومراقبة من قِبل كل من تعمل معهم.
وكذلك فإن مرؤوسيك لن يكونوا على نفس الدرجة من الحماس لك والتعاون معك، فبعضهم سيكون مرنًا ومتعاونًا معك تعاونًا تامًا، وبعضهم الآخر سيعمل على التشكيك فيك، بل في قدراتك الخاصة.
ومن هنا، فإن الطريقة المثلى للخروج من هذا المأزق هي أن تركز تركيزًا تامًا على سلوكياتك، وعلى ما تقول، وما تفعل، ومتى تفعل؛ وأن تتأكد من استراتيجيتك التي تبغي تطبيقها، والأهم استراتيجية سلوكك الخاص، فافعل، دائمًا ما تقول، وكن مثلًا يُحتذى به.
هذه الأيام الأُول هي التي ستحدد مسارك كقائد لفريق عمل في المستقبل؛ فخلال هذه الأيام القليلة تُكوّن أنت انطباعًا عن العاملين معك، ويُكوّن الناس بدورهم عنك انطباعًا محددًا، فكن حذرًا، وخذ الأمور على محمل الجد، ولا تنسَ أن الانطباعات الأولى تدوم.
ومن بين المهام التي ستجدها ملقاة على عاتقك، خلال الأيام الأولى في وظيفتك كقائد لفريق عمل، أن تعمل على الموازنة بين طرفي معادلة صعبة: أن تضمن، من جهة، إنفاذ أوامرك وتعليماتك وسريانها على جميع مرؤوسيك، وأن تكسب، من جهة أخرى، إسهامات الآخرين، واقتراحاتهم بشأن تسهيل القيام بالمهمات المختلفة.
إذن، هذه الأيام هي أيام تأسيس العلاقات، ووضع كل شيء في مكانه الصحيح، وهذا أمر على درجة كبيرة من الأهمية؛ فالفشل فيه فشل في مهمتك كقائد.
الأيام الأولى هذه هي التي تحدد وتيرتك وإيقاعك، وهو الأمر الذي يحتم عليك أن تخطط لها جيدًا، وألا تتركها تمر هكذا عفو الخاطر، فلا شيء فيها، يجب أن يُترك للصدفة أو التصرف العفوي، بل لا بد من تخطيط مسبق ومطوّل كذلك.
ونذكرك مرة أخرى أنك، خلال هذه الفترة الأولى، ستكون موضوع مراقبة وتفحص من قِبل الجميع؛ أعضاء فريقك، ورؤسائك أنفسهم، بل حتى صغار الموظفين، فكن حريصًا على العزف على اللحن الصحيح.
هناك الكثير من التحديات التي ستواجهها بصفتك قائدًا، لكننا سنقصر كلامنا على القادة الجدد الذين تم جلبهم أو توظيفهم في مؤسسة ما، وتتلخص هذه التحديات في أمرين:
الأول: كيف ستدير أول أيامك بوصفك قائدًا؟ مرة أخرى نرجع إلى أهمية أيامك الأولى في وظيفتك كقائد، وأظن أننا لسنا بحاجة إلى تكرار ما قد بسطنا القول فيه آنفًا.
أما التحدي الثاني فهو ذاك المتمثل في: ما الاستراتيجيات والإجراءات المحددة لإدارتك؟ وهذا التحدي هو الأصعب، فهو الذي يضعك على المحك فعلاً، وهو، كذلك، الذي يغرزك في أرض الواقع.
ناهيك عن أنه يتطلب منك دراسة المؤسسة التي وفدت إليها حديثًا دراسة وافية، والإلمام بكل تفاصيلها قبل البداية الفعلية للعمل.
ولعلك لاحظت أن هذه التحديات تتمثل في تخوف الشركات من ضخ دماء جديدة في شرايين أقسامها المختلفة، ولعله هو السبب ذاته، ويا للمفارقة، الذي تم تعيينك من أجله.
إن غايتنا من الحديث عن سلوكيات القائد الفعال لا أن نعلمك الطريقة المثلى في القيادة فحسب، بل أن نبوح لك بالسر الخفي للنجاح في أيامك الأولى كقائد. والآن عليك أن تركز على ما يلي، خلال فترة البداية هذه: أظهر كامل الاحترام والتقدير لفريقك، ورؤسائك ومرؤوسيك؛ فهذه هي الخطوة الأولى لضمان تعاونهم معك وبحماس.
ثانيًا: أظهر جوانب شخصيتك المتفردة، وكن شخصية كاريزمية؛ فالناس لا ينقادون إلا لمن يرونه أفضل منهم، ويمتلك من الخبرات والمهارات ما ليس لديهم.