سر نجاح أي مشروع هم العاملون فيه، والذين يتولون التنفيذ الفعلي للمهام المهنية والوظيفية المختلفة، لكن من يوجه هؤلاء القوم؟ إنه مدير المشروع، ولكي ينجح أي مشروع فهو بحاجة إلى شرطين: الأول: مدير متمكن من أدواته، وقادر على القيادة والتوجيه بالشكل الأمثل، والثاني: أعضاء فريق متفانون، مدربون، وأكفاء، يمكنهم القيام بكل ما يُطلب منهم وعلى الوجه الأمثل.
ولنعد أدراجنا إلى مدير المشروع؛ فهو الشخص الذي عله المعوّل في نجاح المشروع، فحتى الشرط الثاني اللازم لنجاح المشروع (الموظفين) بحاجة إلى هذا المدير؛ لكي يوظّف مهاراتهم وخبراتهم وكفاءاتهم بالشكل الأمثل، بل توجيههم كما ينبغي.
هناك الكثير من الصعوبات التي يواجهها مدراء المشروعات المختلفة، ولعل أبرز هذه الصعوبات هو كونهم مضطرين للتعامل مع أشخاص مختلفين في الطبائع، وردود الأفعال، وطرائق التعاطي مع الأمور، وهو الأمر الذي يحتم عليهم (مدراء المشاريع) أن يتعاملوا مع كل شخص بالطريقة التي تناسبه، وألا يعتمدوا على التعميم ولا القولبة.
والهدف من تكييف طباعك الشخصية مع هذه الطبائع الشتى للموظفين العاملين في إدارة المشروع هو خلق مناخ تعاوني، ومحاولة توجيه الدفة لصالح العمل؛ أملاً في إنجاح المشروع، وتاليًا جلب الأرباح.
المدراء ليسوا على شاكلة واحدة، وطريقة تعاملهم ليست واحدة، ولا حتى ردات أفعالهم، فبعضهم ديكتاتور متسلط، يوجه أوامره بشكل صارم، ودائمًا تكون مسبوقة بواحدة من الجمل التالية: “يجب أن..”، “عليك أن تفعل كذا..”، وهذا النوع من المدراء لا يسمع، في الغالب، سوى صوت نفسه، ولا يأخذ إلا برأيه.
وعلى النقيض من ذلك، هناك نوع آخر أكثر ديموقراطية، منفتحًا على الآخرين، كثير الإصغاء إليهم، وإذا وجه أمرًا فإنهم يغلّفه في صورة رجاء أو رغبة في إسداء معروف، كأن يقول “من فضلك، هل يمكن أن تفعل كذا”، أو “لو سمحت هل يمكنك القيام بهذا الأمر”.. إلخ.
وفي الحقيقة، هذان طرفان احتاجا إلى واسطة، فليس على مدير المشروع أن يأتي بأفكار مسبّقة، ولا أن يقرر انتهاج أي من الطريقتين السابقتين بدون الدراسة الجيدة، والإلمام الكافي ببيئة العمل التي جاء للعمل فيها، وبالموظفين الذين سيدير مشروعه من خلالهم.
فبعض الموظفين لا يجدي معه سوى المدير الديكتاتور المتسلط، وبعضهم الآخر لا تزيدهم هذه الطريقة إلا عنادًا ومكابرة، ومن هنا كان لزامًا على مدراء المشروع أن يعرفوا مع مَن يتعاملون قبل أن يحددوا طريقة التعامل (كيف يتعاملون).
وبغض النظر عن كل التحديدات والتوصيفات السابقة، وعن طرق التعامل المختلفة سواء مع الموظفين أو التعاطي في بيئة العمل بشكل عام، فإن هناك ثلاثة جوانب أساسية يتعين على مدراء المشاريع أن يركزوا عليها، وألا تعزب عن بالهم أبدًا، وتتمثل هذه الجوانب فيما يلي:
1- التأكد من أن جميع أعمال المشروع محددة بوضوح، ويتم إنجازها في الوقت المحدد، وبجودة عالية.
2- توزيع مهام العمل بشكل منصف بين كل العاملين، وتوظيف مهاراتهم بالشكل الأنسب.
3- التأكد من أن كل موظف يفهم دوره ومسؤولياته بشكل جيد تمامًا، وأن يتم منحه الفرصة الكافية لتنمية مهاراته وقدراته.
إذا كان هناك ما يجب التشديد عليه فهو ذاك القول الذاهب إلى أنه من الخطأ وصف أو تحديد طريقة واحدة لمدير المشروع يتعامل بها في كل المواقف، بل إن الأسلوب الصحيح هو ذاك الذي يناسب موقفًا معينًا؛ ما يعني أن المواقف والمعطيات التي تفرضها بيئة العمل هي التي تحدد طريقة تعامل المدير مع مرؤوسيه.
ناهيك عن أمر آخر، وهو أن كل مرحلة من مراحل المشروع (على افتراض أنك بدأت إدارة المشروع منذ أن كان فكرة) تستلزم طريقة معينة في التعامل مع المعطيات والموظفين؛ فالتعامل في بداية المشروع سيكون أكثر حدة وصعوبة من التعامل في فترات ازدهار المشروع، وبدء جلب الأرباح.