الكلى هن عضوين في الجسم تُشبه بذر الفاصولياء، وتقع الكلى في الجدار الخلفي لجوف البطن، وتحديداً من جانبي العمود الفقري تحت الحجاب الحاجز. ان الضلعين الأخيرين من القفص الصدري يحميان الجانب الخلفي لكل كلية. تصل الكلى الى طول يُقارب ال 8-12 سم. في الكلى خلايا عديدة، ووظيفة الكلى هي تصفية الدم من الأملاح، الشوارذ والمواد السامة. كما أن الكلى تعمل على انتاج البول وافرازه الى المسالك البولية. ينتقل البول من الكلى الى المثانة، ماراً بحوض الكلى والحالب (Ureter) الذي يبدأ من الكلى، ومن ثم الى الاحليل (Urethra) ليخرج من الجسم.
تُسمى الخلايا في نسيج الكلى بالخلايا الكلوية (Renal Cell). تُبطن المسالك البولية والمثانة والاحليل وحوض الكلى بطبقة من الخلايا وتُسمى بالخلايا الانتقالية (Transitional Cell).
سرطان الكلى هو سرطان يُصيب نسيج الكلى ويؤدي الى أورام خبيثة في الكلى. يؤدي سرطان الكلى الى أعراض كألم في الخصر، الحرارة المرتفعة، وجود الدم في البول. من الصعب اكتشاف سرطان الكلى في المراحل المُبكرة وذلك لأنه لا يُسبب أعراض مُبكرة. مع ذلك فان سرطان الكلى بطيء النمو ولا ينتشر بسرعة، مما يجعل علاجه والشفاء منه ممكناً، رغم اكتشافه المُتأخر. قد يؤدي سرطان الكلى الى مُضاعفات كتعويق وظائف الكلى. توجد عدة أنواع من سرطان الكلى، ويتغير العلاج وفقاً للنوع الموجود. يُمكن علاج سرطان الكلى بالمعالجة الجراحية لاستئصال الورم، أو المُعالجة المناعية في الحالات المُتقدمة.
تُمثل أورام الكلى ما يُقارب 3% من الأورام لدى البالغين، وتظهر عادةً لدى كبار السن وتحديداً أجيال ال 60-70.
غالباً ما يتم تصنيف سرطان الكلى وفقاً للخلايا التي ينشأ منها. من المُتفق عليه أن سرطان الكلى يُصنف لنوعين أساسيين:
· سرطان الخلايا الكلوية (RCC- Renal Cell Carcinoma): النوع الذي ينشأ من الخلايا الكلوية ويكون في الكلى فقط. ويُشكل 80-85% من أورام الكلى.
· سرطان الخلايا الانتقالية (TCC- Transitional Cell Carcinoma): النوع الذي ينشأ من الخلايا الانتقالية، ويُمكن أن يُصيب الكلى، حوض الكلى، الحالب، المثانة أو الاحليل.ويُشكل ما يُقارب 10% من أورام الكلى
من المهم جداً تصنيف أنواع سرطان الكلى، وذلك لأن الأعراض والعلاج قد تختلف من نوع لاخر.
توجد أنواع أخرى من أورام الكلى والتي قد تكون خبيثة، أو حميدة (Benign)- أي أنها لا تنتشر- لكنها أقل انتشاراً وتُعتبر نادرة.
ورم ويلمز (Wilms Tumor) هو ورم في الكلى وقد يُصيب الأطفال فقط.
سرطان الخلايا الانتقالية هو سرطان ينشأ من الخلايا الانتقالية، والتي تُبطن جوف المسالك البولية. أعضاء المسالك البولية هي:
نظراً لأن الخلايا الانتقالية تُبطن المسالك البولية، فان سرطان الخلايا الانتقالية قد يظهر في أية عضو من أعضاء المسالك البولية. رغم أن سرطان الخلايا الانتقالية قد يظهر في الكلى، الا أن 5% من حالاته تكون في الكلى. بينما تكون الحالات الباقية في الحالب، المثانة أو الاحليل، وخاصةً في المثانة. مُعظم حالات سرطان الخلايا الانتقالية تكون في المثانة. قد تظهر عدة أورام سرطان الخلايا الانتقالية بالمقابل، في عدة أعضاء تحمل الخلايا الانتقالية. يُشكل سرطان الخلايا الانتقالية 90% من سرطان المثانة.
لا يُشكل سرطان الخلايا الانتقالية سبباً بارزاً للوفاة، ويُمكن علاجه في مُعظم الحالات. الا أن سرطان الخلايا الانتقالية قد يظهر عدة مرات لدى المريض حتى بعد علاجه.
يُصيب سرطان الخلايا الانتقالية الذكور أكثر من النساء، ويُصيب كبار السن بعد جيل الستين. كما أن سرطان الخلايا الانتقالية يُصيب بيض البشرة أكثر من غيرهم.
عوامل عديدة تؤدي لسرطان الخلايا الانتقالية، وقد تكون عوامل بيئية، وراثية أو أمراض في مسالك البول. يظن الأطباء بأن تعرض الخلايا الانتقالية للمواد السامة التي تُفرز في البول، هو العامل الأساسي لسرطان الخلايا الانتقالية. أهم عوامل الخطورة هي:
قد يكون سرطان الخلايا الانتقالية عديم الأعراض. وتتعلق الأعراض التي تظهر بموقع سرطان الخلايا الكلوية.
أهم الأعراض هي:
في الحالات التقليدية، فان سرطان الخلايا الانتقالية يؤدي للبيلة الدموية الغير مؤلمة.
قليلة هي الحالات التي يؤدي فيها سرطان الخلايا الكلوية الى الشعور بكتلة في الحوض أو في الخاصرة أو الكلية، وقليلاً ما يُمكن ملامسة الكتل الورمية خلال الفحص الجسدي.
قد ينتشر سرطان الخلايا الانتقالية موضعياً، أو الى الأعضاء الأخرى. أبرز المواقع التي قد ينتشر اليها سرطان الخلايا الانتقالية هي:
اذا ما وجدت أعراض سرطان الخلايا الانتقالية لدى الشخص، عليه التوجه للطبيب. يشك الطبيب بسرطان الخلايا الانتقالية في جميع حالات البيلة الدموية بعد سن الأربعين. يقوم الطبيب بمراجعة التاريخ المرضي والسؤال عن الأعراض وعن عوامل الخطورة. كما أن الطبيب يقوم بالفحص الجسدي لاكتشاف علامات سرطان الخلايا الانتقالية. الا أن تشخيص سرطان الخلايا الانتقالية يعتمد كثيراً على الاختبارات.
الاختبارات
اختبارات عديدة يُمكن اجرائها لتشخيص سرطان الخلايا الانتقالية، أو تشخيص انتشاره. كما أن الاختبارات تُستخدم لتحديد مرحلة سرطان الخلايا الانتقالية، ولمتابعته وترصده.
التخطيط فوق الصوتي (Ultrasound): ويمكن من خلاله ملاحظة كتلة الورم في الكلى أو المثانة.
التصوير الطبقي المحوسب (CT- Computerized Tomography): ويمكن تصوير الكلى والمسالك البولية لتشخيص سرطان الخلايا الانتقالية، كما بالامكان تصوير أعضاء أخرى وعندها الملاحظة اذا ما كان السرطان منتشراً أم لا. كما أن التصوير الطبقي المحوسب من أهم الاختبارات لتحديد مراحل الورم.
صورة الحويضة الوريدية (IVP- Intravenous Pyelogram): خلال الاختبار يتم حقن الوريد بمادة صابغة تتباين في الأشعة السينية (X-Ray). تتجمع المادة الصابغة في الكلى ومن ثم تُفرز للمسالك البولية. يتم تصوير الكلى والمسالك البولية، بالأشعة السينية، بعد حقن المادة الصابغة وبذلك يُمكن رؤية المسالك البولية والكلى والأورام التي تبرز الى جوفها.
لا يوجد اختبار واحد يُمكنه تشخيص سرطان الخلايا الانتقالية، ويجب اجراء الاختبارات المُلائمة للمريض. كما ان تشخيص سرطان الخلايا الانتقالية نهائياً يكون بعد استخراج عينة فقط. بعض الاختبارات تُستخدم لمتابعة حالات سرطان الخلايا الانتقالية بعد علاجه.
من المهم تصنيف مراحل سرطان الخلايا الانتقالي، وذلك لأن خطورة انتشاره، وبالتالي العلاج يختلف وفقاً لمرحلة سرطان الخلايا الانتقالية. يتم تصنيف مراحل سرطان الخلايا الانتقالية تبعاً لعدة معايير:
غالباً ما يتم تصنيف سرطان الخلايا الانتقالية لسطحي (Superficial) وعميق (Invasive)، وذلك لأن العلاج يختلف بين الحالتين. حيث أن الورم السطحي هو الذي لا يخترق طبقة العضلات في جدار المسالك البولية، والعميق هو الذي يخترق العضلات.
يختلف علاج سرطان الخلايا الانتقالية وفقاً لموقعه ولمرحلته:
المُعالجة الجراحية
تُجرى العمليات الجراحية لاستئصال ورم سرطان الخلايا الانتقالية. وتُعتبر المعالجة الجراحية أهم أنواع المعالجة وأكثرها نجاعةً. توجد عدة عمليات جراحية لاستئصال أورام سرطان الخلايا الانتقالية ، ويتعلق اختيار العملية بموقع الورم:
علاج سرطان الخلايا الانتقالية في المثانة
ان مُعظم حالات سرطان الخلايا الانتقالية تكون في المثانة، لذا هناك امكانيات علاج عديدة. كما أن علاج سرطان الخلايا الانتقالية في المثانة يختلف وفقاً لمرحلة الورم، سطحياً أو عميقاً.
علاج سرطان الخلايا الانتقالية السطحي في المثانة (Superficial)
يبدأ علاج سرطان الخلايا الانتقالية السطحي في المثانة بالمعالجة الجراحية لاستئصال الورم. ويتم استئصال الورم خلال تنظير المثانة، ويُسمى الاجراء بازالة الورم عبر الاحليل (TURT-Transurethral Remove Of Tumor). يتم اجراء العملية الجراحية في غرفة العمليات، بعد التخدير الكلي. يمكن الذهاب الى البيت بعد اجراء العملية بيوم. رغم امكانية استئصال الورم في المثانة، الا أن سرطان الخلايا الانتقالية قد يظهر مرة أخرى بعد العلاج، لذا من المفضل اضافة علاج اضافي.
العلاج الاضافي (Adjuvant Therapy) هو علاج بأدوية بعد استئصال سرطان الخلايا الانتقالية السطحي في المثانة. نظراً لأن 50% من الأورام تعود لتظهر بعد المعالجة الجراحية، فان العلاج الاضافي ضروري. غالباً ما يكون العلاج الاضافي داخل المثانة، أي ان الأدوية تُدخل للمثانة مُباشرةً، وذلك لأن نجاعتها تكون أكبر. امكانيات العلاج الاضافي هي:
يُعطى العلاج الاضافي عن طريق قسطرة للمثانة. ان العلاج باستئصال الورم ومن ثم علاج اضافي بالمعالجة المناعية، هو العلاج الأكثر نجاعة لسرطان الخلايا الانتقالية السطحي في المثانة، ويؤدي لتقليل احتمال تنكس الورم، ويزيد من احتمال الشفاء منه. يُستخدم العلاج الكيميائي عند فشل المعالجة المناعية.
علاج سرطان الخلايا الانتقالية العميق في المثانة (Invasive)
سرطان الخلايا الانتقالية العميق هو السرطان الذي يخترق طبقة العضلات في المسالك البولية. في هذه الحالة، بغض النظر عن مدى انتشار الورم، فان العلاج يختلف عن الحالات السطحية. امكانيات العلاج هي المعالجة الجراحية لاستئصال المثانة والعلاج الكيميائي.
استئصال المثانة (Cystectomy)- يُمكن اجراء عملية جراحية مفتوحة لاستئصال المثانة والورم. يوجد نوعين من استئصال المثانة:
يتم وصل الحالبين بالأمعاء الدقيقة، وابراز فتحة من الأمعاء الدقيقة للجلد، مما يؤدي لافراز البول من الأمعاء الى خارج جلد البطن. بما أن المريض لا يستطيع التحكم بافراز البول، فان البول يتجمع في كيس يوضع خارج الجلد، ويُمكن افراغ الكيس بفترات مُتقاربة.
يتم وصل الحالبين بالأمعاء الدقيقة، لكن يُمكن تشكيل كيس من الأمعاء الدقيقة داخل البطن، يتجمع فيه البول. يستطيع المريض قسطرة الكيس واخراج البول منه.
يتم انشاء مثانة من الأمعاء الدقيقة: حيث يُستأصل جزء من الأمعاء الدقيقة ويتم ترتيبه بشكل كروي يُشبه المثانة، ووصل الحالبين والاحليل اليها.
يتعلق اختيار امكانية تجديد مجرى البول بحالة المريض وخبرة الجراح. أهم الأعراض الجانبية لهذه العملية الجراحية هي التهاب المثانة ومسالك البول، الطفح الجلدي عند فتحة الجلد، تسرب البول وأخرى.
مضاعفات العمليات الجراحية هي:
العلاج الكيميائي- العلاج الكيميائي هو علاج بأدوية تُبطئ تكاثر الخلايا أو تُوقفه كلياً. يؤثر العلاج الكيميائي على الخلايا التي تتكاثر بسرعة (كخلايا السرطان) وبذلك يمكن علاج السرطان، كلياً أو جزئياً. الا أن لهذه الأدوية أعراض جانبية وخاصةً على الأنسجة التي تتكاثر خلاياها بسرعة كخلايا الدم، الجهاز الهضمي وأخرى. أغلب الأدوية الكيميائية تُعطى عن طريق الوريد وليس بالفم، ويتم تناولها مرة في الأسبوع ولمدة عدة أسابيع. كل دورة علاج هي عبارة عن عدة أسابيع من تناول الأدوية الكيميائية.
يُمكن تناول الأدوية قبل اجراء العملية الجراحية أو بعدها. العلاج الأكثر استعمالاً يُسمى ب MVAC وهو اختصار للأدوية المستخدمة في العلاج الكيميائي. يتم اضافة العلاج الكيميائي اذا ما كان سرطان الخلايا الانتقالية في المثانة من المرحلة الثالثة وما فوق (أي حتى عند انتشار الورم).
ان استخدام العلاج الكيميائي يزيد من احتمالات الشفاء، ويقلل من احتمال تنكس سرطان الخلايا الانتقالية.
أهم الأعراض الجانبية للعلاج الكيميائي المستخدم هي: التعب، زيادة خطر العدوى، فقدان الشعر، قلاعيات الفم، الغثيان و القيء، ضعف السمع أو طنين في الأذنين، اخدرار أو وخز في الأطراف، والبيلة الدموية. غالباً ما تتوقف هذه الأعراض مع توقف تناول الأدوية.
رغم العلاج المتوفر لسرطان الخلايا الانتقالية، فان امكانية تنكس سرطان الخلايا الانتقالية لا تزال واردة في جميع الحالات، وخاصةً الحالات المتقدمة. لذا من المهم متابعة حالات سرطان الخلايا الانتقالية، وترصدها قبل ظهورها وانتشارها مرة أخرى. من المفضل أن يزور الطبيب المريض مرة كل 3-6 أشهر ويُجري تحليل البول واختبار السيتولوجيا في كل زيارة. تستمر المتابعة لمدة سنين. كما أن الاختبارات التصويرية، وخاصةً التصوير الطبقي المحوسب، مُهمة لترصد سرطان الخلايا الانتقالية والتأكد من عدم انتشاره.