قصة الانهيار

الكاتب: رامي -
قصة الانهيار
سافرت مع زوجها لقضاء شهر العسل في إحدى الدول ، وكأي عروس كانت فرحة جدًا فقد وجدت فارس أحلامها ، وستكمل معه حياتها في سعادة إلى الأبد ، لكنها لم تكن تعلم أنها سوف تعود إلى وطنها مرة أخرى ولكن أرملة.

كان ما حدث لها مثل الكابوس يفوق ادراكها ، فهي مؤمنة أن الجميع سوف يموت يومًا ، ولكن من الصعب عليها تصديق أن يموت أغلى ما لها فى شهر العسل تحديدًا ، خاصة وأنه لم يمت بصورة طبيعيه ، بل تعرض للقتل .

بداية القصة:
قام الزوج باستئجار شقة لقضاء شهر العسل ، وفي إحدى الليالى في ساعة متأخرة استيقظت الزوجه على صوت ضجة خافتة ، صادرة من صالة الشقه ، حينها شعرت بتوتر شديد ، وأيقظت زوجها من النوم بصوت هامس ، واستغرق الأمر عدة ثوانى حتى فاق من نومه بعين ناعسة ، واستوعب ما يجرى من حوله ، ثم أخذ يطمئن زوجته ألا تخشي شيئا ، ولربما كان الصوت صادر من قطة قفزت الى الشقة من الشرفه .

نهض من الفراش ليستكشف الأمر ، ولحقت به الزوجه ممسكه بيده بقوة مختبئة خلف ظهره ، كما تفعل معظم النساء في مثل هذا الموقف ، بينما هو راح يبتسم لها متوتر ويطمئنها أن الامور سوف تكون على ما يرام ، قبل أن يصطدم  بوجود لصا بالفعل داخل الشقة.
مواجهة وقتل :
كان اللص يحمل حقيبة صغيرة ويرتدي ملابس سوداء ، تخفي كل شيء حتى وجهه ، بدى تمامًا مثل لصوص الأفلام ، تصرف الزوج بجرأة شديدة حين رأى اللص ، فقام بالقفز عليه وراحا يتبادلان الضرب والركل ، والزوجة متصلبة في مكانها ، وقد عجزت تمامًا عن التصرف ومساعدة زوجها .

وفي أثناء الشجار نجح الزوج في إزالة القناع عن وجه السارق ، وأصبحت ملامحه واضحة تمامًا وهو يحدق فى الزوج مما أثار جنون السارق ، فأخرج من جيبه مطواة مخيفة الشكل ، وطعن بها الزوج عدة طعنات ، جعلته ينظر بذهول وجحوظ عينين إلى أبعاد أخرى ، وكأنه لم يكن يصدق أن الأمر سيصل إلى هذه الدرجة ، وسقط على الأرض دون حراك وراح ينزف بغزارة .

في تلك اللحظة خرج اللص من الشرفة وفر هاربًا ، وما أتى بعد ذلك مثلما يحدث في تلك الأمور ، صراخ وبكاء وعويل وانهيار ، أيقظ الجيران ، ثم تحقيق الشرطة حول الجريمة ، ولم تنسي الزوجة تفاصيل وجه اللص الحقير الذى تسبب في قتل زوجها ، وما إلى ذلك من تحليل رجال الشرطة للحادثة ، حيث أن اللص دخل بهدف السرقة من الشرفه ، ولم يتوقع استيقاظ أصحاب المنزل ، وعندما حدثت تلك المواجهه أربكت اللص ، مما دفعه لارتكاب جريمته دون تفكير أو تخطيط مسبق للأمر ، ويبدو أن هذا التحليل منطقي تمامًا .

العودة إلى الوطن:
أتى شقيق الزوجه في اليوم التالي من الكويت ، لكى يقف بجوار أخته بالإضافة لإتمام الاجراءات الخاصة بنقل الجثمان إلى أرض الوطن ، وبالفعل عادت الأرملة الحديثة إلى موطنها ، وإلى منزل عائلتها مرة أخرى .

عادت وهي منهارة تمامًا ، فما حدث لها من مشاهدة لجريمة قتل لأغلى الناس إليها وأقربهم ، وفي فترة قصيرة يجعلها تمرض بكل الأمراض النفسية والعصبية ، التي يعجز الطب عن تفسيرها ، فكانت تبكي أحيانًا وتصرخ أحيانا وتهدأ أحيانا أخرى ، لم تكن مهتمة بالانتقام من ذلك اللص على قدر اهتمامها بمحاولة نسيان ما جرى ، فهي بعيدة عن البلد التي حدثت بها الجريمة وهي الآن في الكويت في بلدتها أي في أمان تام وسط عائلتها وأخوتها .

وبعد مرور شهور طويلة على تلك الحادثه وافقت أخيرًا ، شقيقاتها  للخروج معهم إلى إحدى المولات التجارية بعد الحاح كبير منهن ، فقد قاموا بمحاولات كثيرة لإقناعها نسيان الماضي ، وقد كان كلامهم بالطبع صحيح ولكن تنفيذه ليس سهل على الاطلاق ، ولكن قامت بالخروج معهن بالفعل وارتدت ملابس أنيقة ووضعت بعض المساحيق التجميليه ، محاولة منها أن تخرج من تلك الحاله .

المفاجأة :
خرجت بالفعل الأرملة مع شقيقاتها إلى المول التجارى ، وحاولت إحدى الشقيقات خلق جو عام من الضحك ، وبالفعل أخذت تتجاوب معهن شيئًا بشيء وبدأت بالابتسام ومن ثم الضحك ، حتى إنها كانت تظن أنها على وشك نسيان كل ما حدث ، ثم كانت المفاجأة ، عندما استدارت لا شعوريًا إلى يسارها .

فرأت رجلًا جالسا على إحدى الطاولات في نفس المقهى ، إنه هو بالفعل إنه هو اللص هي بالفعل لم تتخيل ذلك ، إنه وهو وينظر اليها مبتسمًا وكأنه وجدها أخيرًا ، ظلت تنظر إليه بتركيز شديد لدرجة أن إحدى شقيقاتها ، لفتت انتباهها قائلة لها لا تحدقي به بهذه الصورة الواضحة ، لكنها لم تسمعها لقد رأت اللص رأت قاتل زوجها ، رأت الرجل الذي راود كوابيسها مرارًا وتكرارًا ، ظلت تحدق به ثم صرخت وغابت عن الوعي .

المطاردة:
عندما فاقت وجدت نفسها في سيارة إحدى شقيقاتها وهي متجهة بها إلى المستشفي ، وعندما تمالكت نفسها قليلًا واستطاعت التحدث ، قالت لهم إنه هو أنه ذلك اللص أنا أتذكر ملامح وجهه جيدا ، مما أثار خوف وتوتر شقيقاتها ، وحينما عادًا إلى المنزل أخبرت شقيقها بما حدث ، فذهب بها إلى الشرطة وذكرت الواقعه ، فالآن أصبح من المؤكد أن اللص كان يبحث عنها في كل مكان ، وكيف استطاع قاتل مثله أن يدخل المدينة ويتجول بها دون رقابة .

ولكن لماذا يطارها ذلك القاتل ، وكيف جرؤ على القدوم إلى بلدها الكويت ، ماذا كان يريد بالضبط ، لا أحد يعرف أسئلة كثيرة تدور في رأسها دون إجابه .

مواجهه ومطاردة أخرى :
ولن ينتهي الأمر عند ذلك الحد ، فقد رأت القاتل مرة أخرى ، بعد تلك الواقعة بأيام قليلة ، وذلك أثناء قيادتها للسيارة وحيدة ، وهي متجهه إلى منزل شقيقتها الكبرى ، كان يطارها هذه المرة بكل وقاحة ، إنه هو مرة أخرى وقد بلغ توترها ذروته .

فخففت سرعتها لتتأكد من أنه هو ، وبالتالي خفف هو الآخر سرعته ، وسار بجوار سيارتها والتفت إليها هو الآخر مبتسمًا ، فخففت سرعتها أكثر ووقفت على جانب الطريق حتى تأخذ أرقام سيارته ، وبالفعل سار هو أمامها فلمحت الأرقام وفتحت هاتفها لتسجل أرقام سيارته ، قبل أن تنساها .

حتى تتصل بالشرطة وفي لحظه رفعت رأسها وجدت سيارته على جانب الطريق أمامها لكن أين هو ، إنه ليس بسيارته ، ومن شدة توترها قد نسيت احكام غلق أبواب سيارتها ، ووجدت القاتل يطرق زجاج الباب الذى بجوارها وفتح الباب وجلس على الكرسي بجانبها بكل وقاحة .

لم تدر بنفسها إلا وهي تضربه على رأسه وعلى وجهه مستخدمه بروزات الحقيبة الخاصة بها حتى أفقدته الوعي والدماء تفور من رأسه ، ثم أزاحته من السيارة وانحنت وأغلقت الباب وانطلقت بالسيارة وهي تبكي بحرقة .

بلاغ آخر للشرطة :
عند عودتها إلى المنزل أخبرت شقيقها بكل ما حدث ، وبالطبع ثار غضبه وذهب مرة أخرى إلى الشرطة ، فأعطتهم رقم السيارة ودلتهم على مكان وقوع الجريمة ، وعند توجه الشرطة الى هناك ، لم يكن هناك أثر لأى شيء ، سوى آثار بعض الدماء إنها للقاتل دون شك فقد استطاع الهرب مرة أخرى ، وبالتالي فهو لسوء الحظ لم يمت بعد .

ووعدهم رجال الشرطه أن لا يسمحوا بتلك القضية أن تمر مرور الكرام ، وأنه سيتم البحث بدقة في كل تفاصيلها حتى يتم القبض على القاتل ، بعد أن أصبحت حياتها مهددة بشكل واضح .

جريمة أخرى :
وبعد تلك الليلة العصيبة ، توجه الشقيقين إلى المنزل ، وكانت صامتة منهارة خائفة تمامًا ، فقد رأت في شهور قليلة ما لم تره فتاة من قبل ، وعند وصولهما للمنزل صعدت إلى غرفتها ، فاقترحت عليها شقيقتها الصغرى النوم بجوارها تلك الليلة .

حتى تطمئن قليلًا وتهدأ من ذعرها ، وأقسمت ألا تتركها وحدها  ، وبالفعل رحبت بذلك الاقتراح فهي بحاجة ماسة للشعور بالأمان ، وراحت الشقيقة الصغرى تطمئنها بأن كل شيء سوف يكون على ما يرام ، وأن رجال الشرطة سوف يقومون بإلقاء القبض على ذلك القاتل المجرم كما وعدو .

كان كلامها منطقي نوع ما حتى حدث ما لم يكن متوقعا حدوثه ، فحين استغرقت الأخت الصغرى في النوم ، كانت الأرملة مستيقظة تمامًا فقد فارقها النوم ، وهي تفكر فيما حدث لها في الشهور الأخيرة وتبكي بشدة على فراق زوجها ، وتحمد الله على نجاتها أكثر من مرة من ذلك القاتل .

ثم قررت النهوض من الفراش لشعورها بالملل ، فخرجت إلى صالة المنزل لكي تشاهد التلفاز ، وحين خروجها متجهة إلى الصالة ، وجدت أحدهم جالس يشاهد التلفاز ، من هذا إنه ليس شقيقها ، إنه هو مرة أخرى أنه القاتل ، هل قتل من بالمنزل جميعا وهي نائمة وجلس يشاهد التلفاز .

وعندما رأها ابتسم في وجهها ، تلك الابتسامة الساخرة ، عجزت عن الصراخ تمامًا من هول المفاجأة ، ثم نظرت إلى الطاولة التي تتوسط الصالة فوجدت سكينًا قد استخدمه ذلك الوغد في تقشير البرتقال ، لهذه الدرجة كان يتصرف وكأنه في منزله .

التقطتن السكين وصرخت صرخات عالية شقت سكون الليل وانهالت على القاتل بكل قوتها حتى أردته قتيلا غارق في دماؤه ، حينها سمعت صوت شقيقاتها وقد استيقظن وقمن بالصراخ الشديد ، وحاولن انقاذ القاتل ، دون أن تدري لماذا يتصرف شقيقاتها كذلك لماذا يحاولن انقاذ قاتل زوجها ، حتى صرخت إحداهن في وجهها وقالت لقد قتلتي شقيقنا ، ثم اتصلت بالشرطة والإسعاف وطلبت منهم المجيء على الفور .

مرض نفسي :
بالطبع لم تكن تفهم ما يحدث ، ولكن رجال الشرطة اقتادوها إلى المعفر ، وراحوا يسألونها عن سبب قتل شقيقها ، فأخذت تسألهم عن ما دهاهم أنها قامت بطعن قاتل زوجها ، وهنا سمعت الضابط يقول لزميله : أعتقد أنها تعاني من مشكلة نفسية ، لقد تعرض زوجها للقتل ، على يد أحد اللصوص أثناء شهر العسل ، مما أثر على حالتها النفسيه ، وعندما عادت إلى الكويت .

باتت ترى ملامح القاتل على وجه العديد من الرجال ، لقد كادت مساء أمس أن تقتل أحد الشبان بوسط الطريق ، عندما ظن الشاب أنها تريد معاكسته ، أوقف سيارته وتوجه إليها لكنها ضربته بكل قوة على رأسه ، وراحت تصرخ بجنون لا مبرر له كما أخبرهم الشاب ، ولكن من حسن حظه حدث ذلك في إحدى الطرق المزدحمة فرآه بعض المارة وأنقذوه على الفور .

ولقد كانت تصر الفتاة أيضا على أن هذا الشاب هو اللص الذى قتل زوجها ، وكان الشاب مواطن كويتي لم يسافر يومًا إلى تلك الدولة ، والآن وقبل أن نستدعيها للتحقيق معها ها هي تقتل شقيقها ، مدعية أنه اللص الذي قتل زوجها ، أنها تعاني من حالة رهاب متقدمة كما يبدو ، وأعتقد أن الطب النفسي سوف يفصل في تلك الحالة بشكل دقيق .

مازالت لم تفهم ما يحدث حولها ، متهمة الجميع بالجنون ، وتحول هلعها ذاك إلى صراخ في مستشفي الأمراض النفسيه ، عندما ذهبوا بها الى هناك للكشف عليها ، ولكن صراخها لم يكن بسبب وجودها في المستشفي ، ولكن لاعتقادها بأن القاتل كان منتحلًا شخصية الطبيب النفسي المعالج .

شارك المقالة:
71 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook