"للبشر هوايات وطبائع مختلفة ، وقد تصل العادات في بعض الدول والقبائل على مستوى العالم إلى شيء يراه العديد منا جنونًا ، أو بعض المعتقدات التي تمارس طقوسًا غريبة بعض الشيء ، وبعض تلك الطقوس قد تتحول فيما بعد إلى أساطير .
والبعض الآخر قد يظل ويبقى ولكنه يتحول إلة مزار سياحي للمشاهدة ! نعم ففي بعض القبائل الأفريقية على سبيل المثال يلقي الشباب أنفسهم من أعلى برج خشبي بحبل مربوط بمسافة غير مقدّرة جيدًا ، وهي طقس إثبات الرجولة ! فإن بقي على قيد الحياة فقد أثبت رجولته ، وإن لم يحدث فقد يقضي بقية عمره يعاني من عاهات مستديمة ، وقصتنا تسرد بعض تلك الطقوس الغريبة والعادات الغامضة .
إذا جاءتك الفرصة لكي تحنط جسدك إلى الأبد ، لتظل الجثة بنفس شكلها لا تتغير على مدار الزمن ، فهل تقبل تلك الفرصة ؟ في القرن السادس عشر وتحديدًا بصقلية في إيطاليا ، كانت الأديرة في هذا الوقت قد ضاقت على من بها ، وتقلصّت مساحة الدفن فيها .
فقد كانت المقابر كثر وسكانها أيضًا نفس الشيء ، فحالات الوفيات كانت كثيرة للغاية ، مما دفع الرهبان بأحد الأديرة من توسعة مساحته ، واللجوء إلى صناعة سراديبللدفن أسفل الدير ، وكان هذا الأمر يعد خيارًا عاديًا حدث في العديد من الأزمنة والدول .
فبدأ الناس بعمليات الحفر وصُنعت السراديب الضخمة أسفل الدير ، وبحلول علم 1559م ، قامالرهبان داخل هذا الدير بدفن أول جثة في هذا المكان ، وكانت الجثة لراهب آخر زميل لهم يدعى سيلفيسترو ، وحتى ذلك الأمر كان الموضوع عاديًا غير مثير.
وكان من عادة الرهبان قبل إتمام عملية الدفن ، أن يقوموا بتجفيف الجسد فوق ألواح سيراميكية بطريقة تكاد تقترب من التحنيط ، وهذا الأمر كان يساعد الجثث على الاحتفاظ بهيئتها لعدة سنوات قبل أن تبدأ فعليًا بالتحلل ، كنوع من أنواع التكريم لجسد الشخص المتوفى.
ولكن كان من الغريب أن جثة سيلفيسترو لم تتحلل بعد مرور قرنين من الزمان عليها ، وكان الأكثر غرابة هو أن كافة الجثث التي دُفنت بعد ذلك لم تتحلل أيضًا ، ومع مرور الوقت بدأت الجثث الموجودة داخل السراديب تتحول كافة إلى مومياوات محتفظة بشكلها وهيأتها الطبيعية عبر الزمان ، مع اختلافات بسيطة جدًا ، تكاد لا تُرى.
وكان من الملفت بتلك المومياوات هو أن تعبيرات الوجه تتغير ! نعم فقد كانت المومياوات تبدو وكأنها تتعذب ، أو تصرخ أو تعترض ، وفي بعض الأحيان كانت المومياوات تتحرك ! هذا الدير اللغز يدعى دير كابوتشين ؛ وطبيعة السرداب أسفل الدير كانت رطبة جدًا وباردة للغاية ، بالإضافة إلى طريقة سير الهواء بالداخل ، وقلة الضوء ، والظروف الطبيعية ، كل تلك العوامل ساعدت على احتفاظ الجثث بشكلها حتى تحولت إلى مومياوات سواء أكانت لرجال أم أطفال أم نساء ، لا فارق بينهم.
وكان دير كابوتشين متخصص في البداية بدفن رجال الدين فقط ، ولكن بعد ذلك ونظرًا لطبيعة المكان بدأ العديد من الناس في طلب الدفن بهذا المكان ، حتى يتاح لهم حفظ أجسادهم للنهاية ، وجدير بالذكر أن هذا المكان يضم أكثر من ثمانية آلاف جثة ، استسلم بعضهم لعملية التحلل ، والآخر بقى محتفظًا بهيأته مثل الباقين.
وذهب العديد في تفسير مسألة تغير تعبيرات الوجه إلى عدة نظريات ، أولها أن الجاذبية الأرضية كانت أقوى من تماسك أجنسه الجثث ، مما أدى إلى تغيير أوضاعهم أو تعبيرات وجوههم في كثير من الأحيان .
أما النظرية الثانية دارت حول الجان ؛ فالجسد مقدر له أن يحتفظ بالروح ، وبمجرد مغادرتها والاحتفاظ بالجثث لتلك الفترة الطويلة دعت العديد من الجان ، للسكن بها فالجان لديهم القدرة على سكن الأجساد الميتة بالفعل ، وأقصى استطاعتهم هو تحريكها أو تغيير تعبيرات الوجوه.
أما أصحاب النظرية الأخيرة قد ذهبوا إلى أن هذا التغيير ، يمثل إنذارًا من أصحاب الجثامين بما يعانونه في الحياة الأخرى ، ويرغبون في الراحة ، وتم فتح هذا الدير كمزار سياحي ويسمح للزوار بحمل كاميراتهم الخاصة ، والتجوال وسط الجثث وتصويرها ومحاولة التحدث معها في بعض الأحيان ، بالإضافة إلى تصنيف هذا المكان كأحد الأماكن الأكثر قتامه وإثارة للرهبة على وجه الأرض.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.