يُعرّف النبي على أنه صاحب النبوّة المخبر عن الله عز وجل، وهو إنسانٌ يصطفيه الله -تعالى- ليوحي إليه بدينٍ أو شريعةٍ، أما الرسول فيُعرّف على أنه الذي يتابع أخبار من بعثه، وقد اشتق الاسم من قولهم: "جاءت الإِبل رَسَلاً"، أي متتابعة، وقد سُمّي الرسول بهذ الاسم لأنه صاحب رسالة.
يعدّ القرآن الكريم من أهم المصادر التاريخية التي يعتمدها المسلمون، وقد ذكر الله -تعالى- فيه عدداً من أسماء الأنبياء والرسل صراحةً، وأشار إلى نبوّة بعض الأنبياء من غير أن يصرّح بأسمائهم، ويبلغ عدد الأنبياء الذين ورد ذكر أسمائهم في القرآن الكريم خمسةً وعشرين نبياً، وهم: محمد، وذو الكفل، وعيسى بن مريم، ويحيى، وزكريا، واليسع، وإلياس، وداود، وسليمان، وهارون، وموسى، ويونس، وشعيب، وأيوب، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، وإبراهيم، وإسماعيل، ولوط، صالح، وهود، ونوح، وإدريس، وآدم -عليهم الصلاة والسلام- جميعاً، وقد ورد ذكر أسماء ثمانية عشر نبيّاً منهم في موضعٍ واحدٍ من سورة الأنعام، حيث قال تعالى: (وَتِلكَ حُجَّتُنا آتَيناها إِبراهيمَ عَلى قَومِهِ نَرفَعُ دَرَجاتٍ مَن نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكيمٌ عَليمٌ* وَوَهَبنا لَهُ إِسحاقَ وَيَعقوبَ كُلًّا هَدَينا وَنوحًا هَدَينا مِن قَبلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ داوودَ وَسُلَيمانَ وَأَيّوبَ وَيوسُفَ وَموسى وَهارونَ وَكَذلِكَ نَجزِي المُحسِنينَ* وَزَكَرِيّا وَيَحيى وَعيسى وَإِلياسَ كُلٌّ مِنَ الصّالِحينَ* وَإِسماعيلَ وَاليَسَعَ وَيونُسَ وَلوطًا وَكُلًّا فَضَّلنا عَلَى العالَمينَ).
أما باقي الأنبياء فقد ذُكروا في مواضع متعددةٍ من القرآن الكريم، حيث ورد ذكر آدم -عليه السلام- في سورة آل عمران، وذُكر كل من هود، وصالح، وشعيب -عليهم الصلاة والسلام- جميعاً في سورة هود، وذُكر محمد -صلى الله عليه وسلم- في سورة الفتح، وذُكر إسماعيل، وإدريس، وذو الكفل -عليهم السلام- في سورة الأنبياء، أما الأنبياء الذين وردت الإشارة إليهم في كتاب الله من غير التصريح بأسمائهم فهم الأسباط، وهم أبناء يعقوب عليه السلام، ويبلغ عددهم اثني عشر رجلاً، وقد ورد ذكر اسم واحد منهم وهو يوسف عليه السلام، أما الباقين فقد أخبرنا الله -تعالى- أنه أوحى إليهم من غير أن يصرّح بأسمائهم، حيث قال: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّـهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ).
إن صحة إيمان العبد تقتضي الإيمان بالانبياء والرسل، إذ إن الإيمان بهم -عليهم السلام- الركن الرابع من أركان الإيمان، وهناك الكثير من النصوص الشرعية التي تدل على ذلك، ومنها قول الله تعالى: (فَآمِنُوا بِاللَّـهِ وَرُسُلِهِ)، ولمّا سُئل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن الإيمان قال: (أن تُؤْمِنَ باللَّهِ ومَلَائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ)، وينقسم الإيمان بالأنبياء والرسل إلى مرتبتين: المرتبة الأولى الإيمان المجمل؛ وهو الإيمان بالأنبياء جميعاً على وجه الإجمال، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- على وجهٍ مخصوصٍ، وهذه المرتبة فرض عينٍ على الأمّة جميعها، والمرتبة الثانية هي الإيمان المفصّل؛ وهو التصديق بجميع الرسل، والعلم بما ثبت في الشرع عنهم؛ كأسمائهم، وأسماء الكتب التي نزلت عليهم، وهذه المرتبة فرضٌ على الكفاية، فإذا قامت به جماعةٌ من المسلمين سقط عن الآخرين.
اختلف أهل العلم في التفريق بين النبي الرسول، حيث ذهب فريقٌ منهم إلى أنهما لفظان مترادفان، بمعنى أن كلّ نبيٍ رسول، وكل رسولٍ نبي، واستدلوا بقول الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ)، حيث أثبت الله -تعالى- الإرسال للنبي والرسول، وفي الحقيقة أن هذا القول عارٍ عن الصحة، لأن الله -تعالى- فرّق بين الاسمين، ولو كانا لمعنى واحد لما حسن تكرارهما في الكلام البليغ، فقد ذهب الجمع الغفير من العلماء إلى أنهما مفترقان من وجه، ومجتمعان من وجهٍ آخر، وقد بيّن القاضي عياض أن جمع العلماء يرون أن كل رسولٍ نبي، وليس كل نبيٍ رسول، وثمة عدد من الأقوال في بيان الفرق بين النبي والرسول، وأرجحها أن الرسول من بُعث بشرعٍ جديدٍ وأُمر بتبليغه، والنبي من بُعث بشرع من سبقه من الرسل.
اصطفى الله -تعالى- الأنبياء من جميع خلقه، وميّزهم بعددٍ من الخصائص، وفيما يأتي بيان بعضها:
ورد ذكر العديد من صفات الأنبياء -عليهم السلام- في القرآن الكريم، ويمكن بيان بعضها فيما يأتي:
موسوعة موضوع