يُطلق سوء الظنّ على اعتقاد الشر بشكلٍ أكبر من الخير، دون أيّ دليلٍ أو برهانٍ على رجّحان الشرّ المُعتقَد به، وذلك في الأمور التي تحتمل الخير والشر، وسوء الظنّ لا يكون إلا بالقلب، ويفرّع سوء الظن إلى عدّة أنواعٍ، فقد يكون بالله تعالى؛ أي أن يعتقد العبد أنّ نصيبه ناقصٌ، وأنّ المفروض أن يكون أكثر رزقاً أو نصيباً، مع عدم الرضا بأقدار الله تعالى التي تخصّه، ويرجع السبب في ذلك إلى عدم الإيمان بالله تعالى كما يجب أن يكون، والجهل بمعرفة أسمائه الحسنى وصفاته العُلا، والاستجابة لوساوس الشيطان وكيده ومكره، إلّا أنّ الواجب على المسلم التسليم لقضاء الله، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (لا يموتنَّ أحدكم إلا وهو يحسنُ باللهِ الظ وقد يكون سوء الظنّ بالرسول صلّى الله عليه وسلّم؛ وذلك بمخالفة السنّة النبويّة التي وردت عنه، وإحداث البدع في دين الإسلام، وقد يكون سوء الظنّ أيضاً بالصحابة رضي الله عنهم، حيث إنّهم أفضل القرون بعد قرن النبيّ عليه الصّلاة والسّلام؛ فهم الذين صدقوا معه، وثبتوا على دين الإسلام، وتميّزوا بالصدق والإخلاص في الأقوال والأفعال، وبناءً على ذلك لا يجوز شتمهم، أو الإساءة إليهم، أو تحقيرهم وإهانتهم، كما أنّ سوء الظنّ يمكن أن يكون بعلماء الشريعة الإسلاميّة
يجب على المسلم تحرّي الخير في نواياه وفي أقواله وأفعاله، وإن وقع المسلم باعتقاد الشرّ فلا بدّ له من عدم العودة إليه، إلا أنّ ذلك يتطلّب القيام بعدّة أمورٍ، منها:
أمر الله تعالى بالاجتناب والابتعاد عن الكثير من الظنّ، حيث قال في كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ)] فالآية تدلّ على أنه ليس كلّ الظنّ إثماً، وإنّما البعض منه؛ ممّا يدلّ على جواز بعض الظنّ السيّء، وذلك يتحقق بظهور بعض العلامات والدلالات؛ كالشخص الذي يضع نفسه في مواضع التهمة، وكحصول الخلوة بين الرجل والمرأة، والتزاور بين الرجال والنساء الغرباء، ومن العلامات أيضاً ظهور أماراتٍ تدلّ على عملٍ قبيحٍ يتّهم به الشخص، وفي المقابل فلا يجوز الظنّ السيء دون علاماتٍ وأماراتٍ، حيث إنّ الظنّ الواجب اجتنابه هو المتعلّق بإساءة الظنّ بالآخرين دون سببٍ أو علّةٍ، وذلك المقصود أيضاً في قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إيَّاكم والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكذَبُ الحَديثِ)، والمقصود من الحديث حرمة الظنّ بالآخرين ظناً سيئاً، ومن يصدر منه ذلك يعدّ ظالماً؛ لأنّ ظنّه ليس قائماًعلى أيّ سببٍ أو دليلٍ