يُعدّ دواء الترامادول (بالإنجليزية: Tramadol) من مُسكّنات الألم التي تحتاج وصفة طبية لصرفها، ويُعدّ هذا الدواء شبيهًا بالمجموعة الدوائية المعروفة بالأفيونيات (بالإنجليزية: Opioids) والتي يصِفها الطبيب للتخفيف من الألم الذي تترواح درجته بين المتوسط والشديد؛ حيث يُخفّف دواء الترامادول من الألم من خلال خفض نسبة النورايبنفرين (بالإنجليزية: Norepinephrine) والسيروتونين (بالإنجليزية: Serotonin) في الدماغ، وهما نوعان من النواقل العصبيّة (بالإنجليزية: Neurotransmitters) يلعبان دورًا في الشعور بالألم، كما تقوم إنزيمات الكبد بتكسير هذا الدواء وتحويله إلى مركّبٍ آخر والذي يرتبط بدوره بمُستقبِلات الأفيونيات (بالإنجليزية: Opioid receptor)، مما يؤدي إلى التخفيف من شدة الألم، وتجدر الإشارة إلى أنّ دواء المورفين (بالإنجليزية: Morphine) يرتبط بهذه المستقبلات أيضاً، إلّا أنّ فاعليّة دواء المورفين في تخفيف الألم تفوق فاعليّة دواء الترامادول بدرجةٍ كبيرة.
نظرًا لإمكانيّة إساءة استخدام دواء الترامادول أو الاعتماد عليه، إضافة إلى الآثار الجانبية المُترتبة على استخدامه فإنّ الطبيب عادةً ما يصِف أقلّ جرعةٍ فعّالةٍ ممكنةٍ منه ولفترةٍ محدودة، وينبغي التنبيه إلى أن الترامادول لا يُوصف للأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 12 عاماً، كما أنّه لا يُوصف لجميع الأفراد من الأعمار الأخرى،وتجدر الإشارة إلى أنّه قد يُستخدم دواء الترامادول في علاج بعض المشاكل الصحيّة الأخرى غير الألم؛ مثل متلازمة تململ الساقين (بالإنجليزية: Restless legs syndrome)، والقذف المبكّر (بالإنجليزية: Premature ejaculation)، إلّا أنّ استخدام دواء الترامادول لعلاج هذه المشاكل الصحيّة غير مُصرّح به من قِبَل منظمة الغذاء والدواء الأمريكيّة (بالإنجليزية: Food and Drug Administration) إلى الآن.
بدايةً يجب التفريق بين مفهوم الاعتماد (بالإنجليزية: Dependence) والإدمان (بالإنجليزية: Addiction) عند استخدام بعض الأدوية؛ حيثُ إنّ مفهوم الاعتماد يعني حاجة الجسم للدواء، بمعنى أنّ الجسم لا يستيطع العمل على الوجه المطلوب دون أخذ هذا الدواء، وفي حال إيقاف استخدام الدواء فإنّ الشخص سوف يعاني من أعراض جسديّة ونفسيّة تُعرَف بالأعراض الانسحابية للدواء (بالإنجليزية: Withdrawal symptoms)، أمّا بالنسبة لمفهوم الإدمان فيتمثّل بحاجة الشخص الدائمة لاستخدام الدواء وعدم قدرته على التوقف عن استخدامه حتّى وإن تسبّب ببعض المشاكل الصحيّة أو الآثار السلبيّة، وقد يكون هذا الإدمان ناجماً عن عدد من العوامل المختلفة؛ مثل العوامل البيئيّة، والعوامل الوراثيّة، وتأثير الدواء في كيمياء الدماغ، وتجدر الإشارة إلى أنّ الإدمان لا يكون مُصاحبًا للاعتماد الجسدي في جميع الحالات؛ فقد يُعاني الشخص من الإدمان دون أن يرافقه اعتماد جسدي.
قد يؤدي استخدام الترامادول وخاصة لفترةٍ طويلةٍ وبجرعاتٍ عاليةٍ إلى الاعتماد عليه؛ لذلك فإنّ التوقّف التامّ والمفاجئ عن استخدامه يؤدي غالباً إلى المعاناة من أعراض انسحاب الدواء، وعادةً ما تظهر هذه الأعراض بعد 6-12 ساعةً من أخر جرعةٍ أُخذت من الدواء، وتجدر الإشارة إلى أنّ شدّة أعراض انسحاب دواء الترامادول تعتمد على عدّة عوامل أخرى؛ مثل شدّة الألم، ووجود تاريخ سابق لإساءة استخدام أحد الأدوية الأخرى، وفسيولوجيا الجسم؛ لهذا السبب فإنّ الأعراض الانسحابية للترامادول تختلف من شخصٍ لآخر، لكن بشكلٍ عامٍ، يُعدّ تأثير دواء الترامادول في مستقبلات الأفيونيات خفيفاً مقارنة بالمسكنات الأفيونية الأخرى؛ مثل الهيروين (بالإنجليزية: Heroin) والأوكسيكودون (بالانجليزية: Oxycodone)؛ لذلك فإنّ قدرة الدماغ على التأقلم مع التوقف عن تناول دواء الترامادول تكون أعلى مقارنةً بهذه الأدوية، إضافةً إلى أنّ الأعراض الانسحابية التي يُسبّبها الترامادول تكون أقل شدّةً مُقارنةً بالأعراض التي تُسبّبها الأفيونات الأخرى، وبشكلٍ عامّ تستمر الأعراض الانسحابيّة الحادّة لمدّة أسبوع بعد التوقّف عن استخدام الترامادول، لتقلّ شدّتها بعد ذلك، وقد تستمر أعراض مُحدّدة لفترةٍ أطول من ذلك، ويجدر التنويه إلى ضرورة مراجعة الطبيب بشكل دوريّ خلال فترة الانسحاب من دواء الترامادول وإخباره بأي أعراض يشعر بها المصاب ولا سيّما إذا كانت شديدة، وفيما يأتي بيانٌ لأبرز الأعراض الانسحابية لدواء الترامادول:
قد يُصاحب انسحاب الترامادول أعراض ناجمة عن تطوّر متلازمة السيروتونين (بالإنجليزية: Serotonin syndrome) خلال هذه المرحلة لدى بعض الأشخاص، والتي تشمل الإسهال، والشعور بالصُّداع، بالإضافة إلى تشنّج العضلات وتيبّسها، واضطراب عملية التنسيق بين حركة العضلات في بعض الحالات، وفي بعض الأحيان قد يعاني بعض الاشخاص من أعراضٍ خطيرةٍ تستدعي مراجعة الطبيب او الطوارئ فوراً، ويُشار إلى أنّ ذلك غير شائع؛ ومن هذه الأعراض اضطراب ضربات القلب، والحمّى، وفقدان الوعي، والنوبات (بالإنجليزية: Seizure).
توجد العديد من العوامل التي قد تؤثر في شدّة أعراض انسحاب دواء الترامادول التي يعاني منها الشخص ومدى استمراريتها، وفيما يأتي بيان لبعضٍ منها:
يُلجأ لاتّباع استراتيجيّة الإزالة الطبيّة للسمّية (بالإنجليزية: Medical detox) في حالات الاعتماد الشديد على الترامادول، إذ يتمّ ذلك تحت إشراف طبيب مُختصّ بهدف تحقيق التّعافي الآمن من الاعتماد على الترامادول، كذلك فإنّ هذه الاستراتيجيّة تهدف إلى التخفيف من الأعراض الانسحابيّة المُترتبة على التوقّف عن الترامادول بشكلٍ مُفاجئ؛ وذلك من خلال اتباع السّبل التي تُمكّن من التخلص من تأثير الدواء ببطء، إضافةً إلى استخدام أنواع مُعينة من الأدوية والعلاجات السلوكيّة،واستنادًا إلى المعهد الوطني لتعاطي المخدرات فإنّ استخدام مزيج من الأساليب العلاجيّة، والدوائيّة، والدّاعمة يُعتبر الطريقة المثلى لعلاج الاعتماد على الترامادول أو إدمانه، إضافةً إلى الاضطرابات المُترتبة على استخدامه.
يتضمّن ذلك تقليل الجرعة اليوميّة المُتّبعة بشكلٍ تدريجي بدلًا من التوقّف عن تناول الدواء بشكلٍ مُفاجئ، إذ يُساهم ذلك في تعزيز قدرة الجسم على التكيّف مع الجرعات الأقلّ من الترامادول، واعتمادًا على مستوى إدمان الشخص قد يتمّ اتباع ذلك في العيادات الخارجيّة، أو المراكز الداخليّة، أو المُستشفيات المعنيّة بذلك، وفي الحقيقة يتمّ وضع جدول التقليل التدريجي للجرعة بالاعتماد على عوامل عدّة؛ بما في ذلك مدّة استخدام الترامادول، والجُرعة المُعتاد على استخدامها، والصحّة العامّة للشخص، والعمر، وما إذا كان الشخص يُعاني من مشاكل نفسيّة أخرى أم لا، كما يؤخذ بعين الاعتبار ما إذا كان الشخص يتعاطى موادّ أخرى إلى جانب الترامادول.
توصف أنواع معينة من الأدوية للسيطرة على الرغبة المُلحّة لاستخدام الترامادول، ومنع العودة لتناوله، والتخفيف من شدّة بعض الأعراض الانسحابيّة؛ بما في ذلك الاكتئاب، وفيما يأتي بيان لأبرز الأدوية المُستخدمة لهذا الغرض والموافق عليها من قِبل إدارة الغذاء والدواء:
قد تتضمّن استراتيجيّة الإزالة الطبيّة للسمّية والتغلّب على الأعراض الانسحابيّة استخدام أنواع أخرى من الأدوية؛ بما في ذلك أدوية الأسيتامينوفين (بالإنجليزية :Acetaminophen) والآيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen) لتخفيف الألم، والأدوية المُضادة للإسهال، ودواء الهيدروكسيزين (بالإنجليزية:Hydroxyzine) لتخفيف الغثيان، إضافة إلى أدوية الاكتئاب الأخرى للتغلّب على الشعور بالاكتئاب.
تتضمّن الخطّة العلاجيّة لانسحاب الترامادول تقديم المشورة بشأن إساءة استخدام هذه الموادّ وإدمانها، بما يُساهم في التّغلب على إدمان الترامادول، والسلوكيات المتعلقة بتعاطي هذه المواد، وبناء مهارات الحياة الصحية، ويُمكن بيان الوسائل المُتّبعة في ذلك على النّحو الآتي: