خلل وراثي في تركيبة الهيموغلوبين (خضاب الدم). تختلف شدتها من الناحية السريرية بشكل كبير إذ تتراوح بين الأشكال البسيطة غير المصحوبة بأعراض إلى الأنواع الشديدة أو حتى المميتة.
سبب تسمية هذا المرض بـ “تلاسيميا” أو ما يعرف بفقر دم البحر الأبيض المتوسط، يعود لليونانيين الذين كانوا يعيشون قرب البحر المتوسط وكان بعضهم يعاني من هذا المرض، إذ تتألف الكلمة من قسمين، الأول “تالاسا” والتي تعني البحر، “هايما” والتي تعني الدم. لكن يمكن أن يتواجد هذا المرض في العديد من المناطق في العالم
قبل البدء بالحديث عن التلاسيميا، لابد من ذكر بعض المعلومات الضرورية لفهم المرض.
تصيب التلاسيميا الهميوغلوبين (خضاب الدم) وهو الجزء من الكريات الحمراء المسؤول عن نقل الأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم.
يتكون الهميوغلوبين من 4 سلاسل من البروتين (اثنتان من ألفا-غلوبين واثنتان من (بيتّا)-غلوبين) ويتوضع ضمن هؤلاء الجزيئات الأربعة جزيئه الـ “هيم”، عند وجود مشكلة في تشكُّل أي من هذين النوعين من الغلوبين (ألفا أو (بيتّا) تحدث التلاسيميا. التلاسيما (ألفا) تحدث عند وجود مشكلة بالسلسلة ألفا، التلاسيميا (بيتّا) تحدث عند وجود مشكلة بالسلسلة (بيتّا). تعتبر التلاسيما (بيتّا) الأكثر انتشارا، لذلك سيتم التكلم عنها باستفاضة.
تقسم التلاسيميا (بيتّا) إلى ثلاثة أشكال حسب شدة الحالة السريرية وهي:
1- التلاسيميا (بيتّا) الكبرى:
يحدث هذا المرض عندما يكون لدى الشخص صفتان وراثيتان مصابتان ورثهما من الأب والأم، وبالتالي لا تتشكل السلسلة (بيتّا) من الهيموغلوبين، مما يؤثر على بنية الكريات الحمراء وقدرتها على نقل الاكسجين وكذلك على عمرها.
تحدث التلاسيميا (بيتّا) عند وزاج شخصين حاملين للمرض من بعضهما، أو زواج شخص مصاب بالتلاسميا (بيتّا) مع حامل للتلاسيميا (بيتّا)
تعد هذه الحالة خطيرة، حيث لا يمكن للجسم أن ينتج ما يكفي من الهيموغلوبين الصحيح أو الكريات الحمراء السليمة لذلك سوف يحتاج المريض للعلاج طوال حياته.
تبدأ الأعراض بالظهور من عمر3-6 أشهر من الولادة وتشمل شحوباً في الوجه وضيقاً في التنفس ويرقان (تلون الجلد وبياض العين باللون الأصفر).
فيما بعد، وبسبب محاولة نقي العظم لتصنيع المزيد من الكريات الحمراء للتعويض عن فقر الدم الحاصة وتخرب الكريات الحمر بسرعة، تحدث الأعراض التالية:
الأعراض الناجمة عن نقص تشكل الهيموغلوبين السليم:
الأعراض الناجمة عن تراكم الحديد في الدم والجسم:
يحدث ذلك بسبب نقل الدم المتكرر لعلاج فقر الدم الحاصل نتيجة تخرب الكرايات الحمراء بسرعة، مما يؤدي لانطلاق الحديد الذي يدخل بتركيب الهيموغلوبين.
تشمل هذه الأعراض:
2- التلاسميا (بيتّا) المتوسطة:
يمكن أن يعاني المريض المصاب بالثلاسيميا (بيتّا) المتوسطة من أعراض مماثلة للثلاسيميا (بيتّا) الكبرى ولكنها تكون أقل شدة، قد تسوء الحالة مع الوقت، وقد يحتاج في مرحلة ما إلى نقل الدم بصورة منتظمة في بعض اللأحيان.
الأسباب المؤكدة لعدم ظهور الأعراض الشديدة على مرضى التلاسيميا (بيتّا) المتوسطة بشكل مماثل لما يحصل في الحالة الكبرى غير مفهوم، ولكن لسبب ما يستطيع الشخص المصاب تكوين كمية من الهيموغلوبين كافية لحاجاته دون الحاجة لعلاج مكثف كما في حالات التلاسيميا الكبرى، وبعض التفسيرات لذلك هي:
تلاسيميا (بيتّا) + الهيموجلوبين C : ينتشر لدى سكان البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا، وتؤدي إلى تحلل الدم متوسط الشدة بالإضافة لتضخم الطحال .
3- التلاسيميا (بيتّا) الصغرى :
تحدث هذه الحالة في حال وجود مورثة واحدة فقط لدى الشخص تحتوي على خلل بإنتاج الهميوغلوبين (بيتّا) ولكن يوجد مورثة أخرى سليمة تماما، وبالتالي غالباً لا يتظاهر المرض بأي أعراض ويكون الشخص حاملاً للمرض وقد يتم كشفه فقط عند أجراء تحاليل دموية ورحلان للهيموغلوبين (Electrophoresis).
في حالة الثلاسيميا (بيتّا) الكبرى والحالات الحادة من الثلاسيميا (بيتّا) المتوسطة تحتاج علاجاً طوال الحياة.
الشفاء التام يكون عن طريق عملية زراعة الخلايا الجذعية ويتم ذلك بنقل خلايا النخاع العظمي من متبرع سليم (غالبا يكون أحد الأخوة) إلى الشخص المصاب بالثلاسيميا (بيتّا) أو نقل الخلايا الجذعية من الحبل السري.
زرع نقي العظم يمكن أن يكون الخيار لبعض الناس ولكن في بعض الحالات قد تكون المخاطر أكبر من الفوائد المتوقعة.
يمكن تدبير بعض المشاكل الصحية الرئيسية التي تترافق مع فقر دم البحر المتوسّط عن طريق العلاج عادة ولكن تبقى هذه الحالة خطيرة وتؤثر بشكل كبير على نوعية الحياة وجودتها.
تحتاج التلاسيميا لمراقبة دقيقة وعلاج منتظم وإلا سيواجه الشخص زيادة في خطر أن تسبّب الأنواع الشديدة منها ضرراً للأعضاء وتهديداً للحياة.
في الماضي، كانت الحالات الشديدة لفقر دم البحر المتوسط تقضي على حياة الشخص في بداية البلوغ، ولكن اختلف الأمر حالياً مع ابتكار طرق جديدة للعلاج، حيث يأمل الأطباء أن يصل متوسط عمر المصابين بالتلاسيما إلى الخمسينات أو الستينات.
التلاسيميا (ألفا)
يوجد أربع مورثات تؤثر على تشكل هيموغلوبين (ألفا)، ويتطلب وجود ثلاث مورثات مصابة حتى نقول أن يتظاهر المرض، لذلك هو أقل انتشاراً من التلاسيميا (بيتّا).
هناك أربع أشكال سريرية لهذا المرض وذلك بحسب عدد الموروثات التي تعرضت للخلل:
أهم خطوة للوقاية من التلاسيميا (بيتّا) الكبرى هي إجراء فحوصات ما قبل الزواج وذلك للكشف عن الحالات التي يكون بها الشخص حاملا للتلاسيميا، حيث أن زواج شخصين حاملين للتلاسيميا (بيتّا) تحمل خطر ولادة طفل لديه تلاسيميا (بيتّا) الكبرى بنسبة 25%.