الجاثوم، أو الجافون، أو شلل النوم أو أبو رابوص (بالإنجليزية: Sleep paralysis)، هو الحالة التي يفقد فيها الإنسان القدرة على الكلام أو القيام بأي حركة فور استيقاظه من النوم بالرغم من قدرته على سماع من حوله ووعيه التامّ، ويستمر هذا الشعور في العادة من بضع ثوانٍ إلى عدة دقائق، وقد يكون مصحوبًا بالإحساس بالشرقة أو الضغط في الحلق، ويمكن أن يحدث شلل النوم عند بداية نوم الإنسان، بمعنى آخر أنّه يحدث في الوقت الذي يفصل بين الاستيقاظ والنوم، وفي سياق الحديث عن شلل النوم يجدر التذكير أنّه في الوضع الطبيعي فإنّ الإنسان يتعرض للشلل أثناء بعض مراحل النوم، فلا يعود قادرًا على القيام بشيء غير أن يحلم، ولكن لا يُدرك المرء ذلك لأنّه يكون نائمًا، ولكن في حال الشعور بالشلل بعد الاستيقاظ من النوم لثوانٍ أو دقائق بعد الاستيقاظ واستعادة الوعي؛ فإنّ ذلك يُعرف بالجاثوم -وهو محور الموضوع هنا-،، وبالرغم من استمرار الشعور بالشلل في حال الإصابة بالجاثوم لمدة تصل في العادة إلى دقيقتين في المعدّل، إلا أنّ هذه الحالة غير مؤذية ولا تُلحق الضرر بصحة الإنسان، وهذا لا يمنع أهمية التحري عن السبب الكامن وراء الحالة وعلاجه إن أمكن؛ فهذا يُحسّن الصحة العامة للشخص المعنيّ.
في الواقع يُصاب الكثير من الناس بالجاثوم أو شلل النوم مرة أو اثنتين خلال حياتهم، ولكن بشكل عام تقل فرصة حدوث الجاثوم مع تقدم الإنسان في العمر، حتى أنّها تكاد تختفي بشكل تامّ، مع استحضار أنّه في بعض الحالات يتضح أن نوبات الجاثوم أو شلل النوم لم تعد تحدث، ولكنّ المصاب يشعر بها مرة أخرى بعد حين. وأمّا بما يتعلق بنسبة شيوع الجاثوم أو شلل النوم فقد اختلفت الدراسات بتحديدها، وذلك لاختلاف العينات التي تم إجراء الدراسة عليها، وقد كان مجموع الأشخاص الذين أُجريت عليهم الدراسة 36533 شخصًا، وإنّ خمس هؤلاء الأشخاص تبيّن أنّهم عانوا من الجاثوم أو شلل النوم ولو لمرة واحدة على الأقل في حياتهم، وبشكل أكثر تخصيصًا فإنّ نسبة الجاثوم بين عامة الناس تُقدّر بـ 7.6%، بينما كانت بين الطلاب ما يُقارب 28.3%، وإنّ النسبة كانت مرتفعة بين الأفراد المصابين بالمشاكل والامراض النفسية تُقدّر بـ 31.9%، والنسبة تصل إلى 34.6% لدى المرضى الذين يُعانون من نوبات الهلع (بالإنجليزية: Panic Disorder).[٥]
كما بيّنا سابقًا فإنّ الجاثوم يحدث في الغالب عند الاستيقاظ، وقد يحدث في بعض الحالات عند الخلود إلى النوم، وإنّ العرض الرئيسيّ للجاثوم هو عدم القدرة على الكلام أو الحركة لفترة قصيرة من الزمن، على الرغم من أنّ المصاب يكون في وعيه، ولعلّ هذا ما يُسبب الخوف له والشعور بالذعر، وفي الغالب لا تتأثر عملية التنفس للمصاب بالشلل، ولكن في بعض الحالات قد يُواجه المصاب صعوبة في ذلك، وقد يُلاحظ لدى البعض حدوث الهلوسات (بالإنجليزية: hallucinations) أثناء نوبة الجاثوم، ويُقصد بالهلوسات سماع أو رؤية أو إحساس شيء غير موجود في الواقع، ومن الأمثلة على ذلك: الإحساس بوجود شخص في الغرفة على الرغم من أنّه غير موجود، وبعد انتهاء نوبة الجاثوم فإنّ المصاب يستعيد قدرته على الكلام والحركة، ولكنّه يشعر بالقلق أو الانزعاج بعض الشيء.
ومن الأعراض والعلامات الأخرى التي قد ترافق الجاثوم نذكر الآتي:
سعى الناس منذ الأزل لفهم الحقيقة الكامنة وراء حدوث الجاثوم أو شلل النوم، وقد ربطت الكثير من الناس حدوثه بالشيء الشرير الذي كان شائعًا في ثقافتهم، فمنهم من ربط الجاثوم بالشياطين غير المرئية التي شاع الحديث عنها في العصور القديمة، ومنهم من ربطها بالعفريت الكبير في بعض روايات شكسبير، ومنهم من ربطها بالمخلوقات الشريرة التي كانت تُخيف الناس العاجزين في الليل قديمًا، وغير ذلك الكثير ولكنّ العلم نفى هذه الادعاءات واعتبرها من الأساطير، وبيّن العلم أنّ الجاثوم مرتبط بقلة النوم وبعض العادات الخاصة بالنوم غير الصحية، وكذلك بعض المشاكل الصحية النفسية التي سيأتي بيانها أدناه.
يُفسر شلل النوم الطبيعيّ الذي يحدث أثناء نوم الإنسان بأنّ عضلات الجسم كلها تبدأ بالارتخاء ببطء، بحيث تقل استجابتها للإشارات الجسدية الصادرة عن الدماغ، بمعنى أنّ الدماغ لا يزال يعمل في حين أنّه لا يتحكم بحركة الجسم وكلام الإنسان بسبب عدم قدرة الشخص على ذلك، والجدير بالذكر أنّ الشخص خلال نومه يمر بمراحل وإحدى هذه المراحل تُعرف بنوم حركة العين السريعة (بالإنجليزية: Rapid Eye Movement) واختصارًا REM، وخلال هذه المرحلة يكون الجسم مسترخيًا بحيث تفقد العضلات القدرة على الحركة، لذلك لا يستجيب المصاب للأحلام المزعجة بأي حركة أو تصرف، وقبل أن توشك هذه المرحلة على الانتهاء فإنّ العقل يبدأ باستعادة وعيه، وعليه فإنّ الاستيقاظ قبل انتهاء هذه المرحلة من النوم تُسبب الهلوسة والشعور بعدم القدرة على تحريك الجسم بالرغم من وجود الوعي وحضوره.
إضافة إلى ما سبق تفسيره علميًا توجد مجموعة من العوامل التي تزيد فرصة حدوث الجاثوم والتي تُعرف طبيًا بعوامل الخطر، ومنها الآتي:
قد يعتاد الكثير من الأشخاص الذين يمرون بنوبات الجاثوم عليها، ولكن تجدر مراجعة مقدم الرعاية الصحية في حال الشعور بالقلق حيال المشكلة خاصة في حال تكرار حدوثها، أو في حال تسببها بخوف الإنسان أو قلقه من الذهاب إلى النوم أو مواجهته صعوبة فيه، وكذلك في حال نوم الشخص بشكل مفاجئ أو شعوره بالنعاس على غير الطبيعي خلال النهار، وذلك للحصول على التشخيص والعلاج المناسبين، فقد يكون الأمر عابرًا، وقد يكون ناجمًا عن الإصابة بالقلق أو التوتر أو النوم القهري سالف الذكر، ولتشخيص السبب الكامن وراء المعاناة من شلل النوم يهتم الطبيب بمعرفة عدد مرات حدوث نوباته ومدة استمرارية كل نوبة، ومتى ظهرت أول نوبة، وقد يُفيد تخصيص مفكّرة لتسجيل كل ما يمر به الشخص المعنيّ وكل ما يقوم به، كذلك طريقة نومه وتفاصيله، وتفاصيل نوبة الشلل لمدة أسبوعين على الأقل، فضلًا عن أهمية معرفة التاريخ الطبي كاملًا للشخص المعنيّ بما في ذلك طبيعة الأدوية التي كان يأخذها أو ما زال يأخذها، وكذلك يُعنى الطبيب بمعرفة فيما إن كان أحد أفراد لعائلة مصابًا بالمشكلة ذاتها.
في الغالب لا يحتاج الطبيب لإجراء فحوصات لعلاج المصابين بشلل النوم التكرر، لا سيّما إذا لم يكن مصحوبًا بمشاكل صحية أخرى، ومع ذلك قد يحتاج الطبيب في بعض الحالات إجراء ما يُعرف بتخطيط النوم أو اختبار النوم المتعدد (بالإنجليزية: Polysomnography)، حيث يُعطي هذا الفحص تخطيطًا لموجات الدماغ وطريقة التنفس وكيفية نبض القلب أثناء النوم، كما يُسجّل كيفية تحرك الذراعين والساقين أثناء النوم، وقد يُلجأ لنوع آخر من الفحوصات يُعرف باسم اختبار تأخر النوم المتعدد (بالإنجليزية: Multiple Sleep Latency Test) في حال كان الشخص يشعر بالنعاس أو ينام كثيرًا خلال النهار؛ إذ يمكن من خلال هذا الفحص معرفة مدى سرعة خلود الشخص إلى النوم خلال اليوم كما يساعد على معرفة فيما إن كان شلل النوم علامة على الإصابة بالنوم القهريّ.
يعتمد علاج مشكلة الجاثوم على السبب الكامن وراء الإصابة بها؛ ومن الأمثلة على علاج بعض الحالات المُسببة للجاثوم نذكر الآتي:
ولمعرفة المزيد عن علاج الجاثوم وكيفية التخلص منه يمكن قراءة المقال الآتي: (ما هو الجاثوم وكيفية التخلص منه).
بالاستناد إلى حقيقة أنّه توجد العديد من العوامل التي تُحفّز حدوث نوبات الجاثوم أو شلل النوم؛ فإنّ تجنب هذه المُحفّزات أو معالجتها يؤدي إلى تقليل فرصة حدوث الجاثوم أو حتى أنّه يمنع حدوثه بشكل تامّ، ولذلك فإنّنا نُقدّم مجموعة من النصائح التي تساعد على الوقاية من الجاثوم أو تقليل نوبات حدوثه قدر المستطاع، وفيما يأتي تفصيل ذلك: