إن استخدام بول الإبل بالتداوي أسلوب علاجي شعبي قديم اشتهر في عدد من البلدان، وكغيره من العلاجات الشعبية القديمة تمسّك به بعض الناس إيماناً بجدوى الطب الشعبي مقابل العقاقير الدوائية الحديثة، وحذر منه البعض لعدم كفاية الأبحاث العلمية عن فعاليته وأضراره، إلى جنب تحذير منظمة الصحة العالمية من استخدامه، وفي هذا المقال نعرض الرأيين بحيادية.
تنصح منظمة الصحة العالميّة باتّباع وسائل النظافة الشخصيّة العامّة عند زيارة أي من مزارع، أو حظائر، أو أسواق الحيوانات، لمنع انتقال عدد من الأمراض المختلفة، كما يُنصح بعدم تناول اللحوم، أو منتجات الحيوانات غير المطبوخة بشكلٍ جيد ،أو غير المبسترة ،أو غير المعقّمة، أمّا بالنسبة لمنتجات الإبل وبولها والاتصال المباشر معها، فقد صرّحت منظمة الصحة العالميّة بارتفاع خطر الإصابة بفيروس كورونا الشرق الأوسط لدى الأشخاص الذين يتعاملون مع الإبل بشكلٍ مباشر والأشخاص الذين يستهلكون منتجاتها، لذلك تجدر الإشارة إلى ضرورة اتّباع إجراءات السلامة عند استخدام أحد منتجات الإبل.
يعود استخدام بول الإبل علاجيّاً لمئات السنين حيثُ اشتهرت تربية الإبل في مناطق متعدّدة من قارة آسيا وقارة إفريقيا، كما كان يُستفاد من الإبل في العديد من الأمور المختلفة الأخرى كمصدر للألبان واللحوم، واستخدامها في الأسفار الطويلة بسبب قدرتها العالية على تحمّل العطش تمّ القيام بعدد من الدراسات العمليّة المختلفة على بول الإبل لدراسة فوائده العلاجيّة، وقد أظهر عدد من هذه الدراسات نتائج إيجابيّة تؤكد إمكانيّة استخدام بول الإبل في علاج بعض الحالات الصحيّة، وفي ما يلي بيان نتائج عدد من هذه الدراسات العلميّة:
يحتوي بول الإبل على تركيز عالٍ من البوتاسيوم، وبروتين الألبومين (بالإنجليزية: Albumin)، والمغنيسيوم، وتعود قدرة الإبل على الاحتفاظ بالماء داخل الجسم إلى قدرته على منع خروج الصوديوم مع البول ممّا يؤدي إلى الاحتفاظ بالماء وعدم خروج كميّات كبيرة منه أثناء التبول، أمّا بالنسبة لاستخدام بول الإبل في علاج بعض الأمراض فقد عُرف استخدام بول الإبل في علاج بعض أمراض الكبد، والأمراض الهضميّة، والحروق، بعد غلي البول على درجات حرارة عالية، أو تجفيف البول على أوراق عشبيّة ثمّ وضعه على الجروح أو الحروق، كما تمّ ذكر استخدام بول الإبل في بعض الأغراض التجميليّة كاستخدامه في علاجات شعر الرأس عند النساء، وتمّ القيام حديثاً ببعض الأبحاث العلميّة لدراسة خواص بول الإبل العلاجيّة ونجحت بعض هذه الدراسات في تأكيد جزء من الفوائد المذكورة، بينما لم تتوفّر الدراسات الكافية بعد لتأكيد جميع الفوائد التي يتمّ تداولها عن استخدام بول الإبل.
يستند العلماء المسلمون على جواز استخدام بول الإبل للتداوي أو العلاج على الحديث النبويّ الذي رُوي عن الرسول صلى الله عليه وسلّم والذي رواه الصاحبيّ الجليل أنس بن مالك، وللحديث عدد من الروايات الصحيحة المختلفة ومن أحد رواياته: (قدِم على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نفَرٌ من عُكَلٍ، فأسلَموا، فاجتَوَوُا المدينةَ، فأمرَهم أن يأتوا إبلَ الصدقةِ، فيشرَبوا من أبوالِها وألبانِها، ففعَلوا فصَحُّوا، فارتَدُّوا وقتَلوا رُعاتَها، واستاقوا الإبلَ، فبعَث في آثارِهم، فأُتِي بهم، فقَطَّع أيديَهم وأرجلَهم، وسمَل أعينَهم، ثم لم يَحسِمْهم حتى ماتوا). ويرى الشيخ ابن تيمية أنّ في الحديث دلالة على عدم نجاسة بول الإبل، وجواز التداوي بها، وقال ابن سينا في استخدام بول الإبل للتداوي أنّ أنفَعُ الأبوال بوْلُ الجَمَل الأعرابيّ؛ وهو النجيب.