يحدث القيء أو التقيُّؤ أو كما هو معروف باسم الاستفراغ (بالإنجليزية: Vomiting) بسبب تقلُّصات قويَّة تحدث في المعدة تطرد معها جزءاً كبيراً من مكوِّناتها باتجاه المريء، لتخرج من الجسم عن طريق الفم أو الأنف، وهو من الأمور الطبيعيَّة التي تحدث للرُّضَّع أو الأطفال من حين لآخر ولا تدلُّ على وجود مشكلة ما عادةً، إذ لا يستمرُّ في أغلب الحالات لمدَّة تزيد عن يوم أو يومين قبل أن يختفي من تلقاء نفسه، وتتمثَّل خطورة التقيُّؤ في فقد الطفل للكثير من السوائل وإصابته بالجفاف،وفي سياق الحديث ينبغي التفريق بين التقيُّؤ والغثيان (بالإنجليزية: Nausea)، إذ يُعرَف الغثيان على أنَّه شعور بشيء ما في المعدة وأنَّ المريض على وشك التقيُّؤ، قد يرافقه تقيُّؤ فعلي في بعض الحالات،ولكن يجب التنبيه على ضرورة معرفة الأوقات التي لا بدَّ حينها من طلب المساعدة الطبيَّة في حال عدم تحسُّن الطفل، وذلك بالرغم من أنَّ معظم حالات الأطفال المصابين بالغثيان والتقيُّؤ تميل إلى التحسُّن دون علاج.
يحدث التقيُّؤ كردِّ فعل منعكس نتيجة تحفيز مركز التقيُّؤ في الدماغ ليُسبِّب انقباض عضلات البطن والحجاب الحاجز بقوَّة أثناء استرخاء المعدة، ويحفَّز هذا المركز بطرق عدَّة يمكن ذكرها فيما يأتي:[٥]
يحدث التقيُّؤ عند الأطفال في أغلب الحالات عند الإصابة بالتهاب المعدة والأمعاء (بالإنجليزية: Gastroenteritis) الناتج عن الإصابة بالعدوى، والتي تكون بسبب فيروسات شائعة يتم التعامل معها بشكل يومي، ويُطلَق على التهاب المعدة والأمعاء عادةً اسم إنفلونزا المعدة (بالإنجليزية: Stomach flu)، ومن أكثر الفيروسات المسبِّبة له فيروس الروتا (بالإنجليزية: Rotavirus) والنوروفيروس (بالإنجليزية: Norovirus)، فيما قد تُسبِّب بعض أنواع من البكتيريا الإصابة به، مثل بكتيريا الإشريكيَّة القولونيَّة أو كما تُعرَف باسم إي كولاي (بالإنجليزية: E. coli) أو بكتيريا السالمونيلا (بالإنجليزية: Salmonella)، وإلى جانب التقيُّؤ يُسبِّب هذا الالتهاب أعراضاً أخرى تبدأ بالظهور بعد 12-48 ساعة من الإصابة بالفيروس، وتضمُّ هذه الأعراض الغثيان وألم البطن والإسهال، ويتميَّز هذا الالتهاب بأنَّه لا يستمرُّ لمدَّة طويلة في العادة ويشكِّل إزعاجاً أكثر من كونه خطراً، إذ يبدأ الطفل بالتحسُّن خلال 1-3 أيام،ومن الجدير بالذكر أنَّ النوروفيروس قد يُسبِّب ارتفاعاً طفيفاً في درجة الحرارة في بعض الحالات، فيما قد لا يُسبِّب ذلك في حالات أخرى، وهو مُعدٍ وغالباً ما ينتقل للطفل بثلاثة طرق، وهي:
تظهر الأعراض المصاحبة لحساسيَّة الطعام على الطفل مباشرة بعد تناوله أغذية معيَّنة، أي خلال دقائق أو ساعات، وتتضمَّن هذه الأعراض الغثيان والتقيُّؤ وظهور الطفح الجلدي، ومن الجدير بالذكر أنَّ بعض حالات الحساسيَّة الشديدة قد تكون مميتة في حال عدم التصرُّف بسرعة، لذلك يجب طلب المساعدة الطبيَّة الطارئة على الفور عند معاناة الطفل من ضيق في التنفُّس أو ملاحظة وجود انتفاخ في فمه أو حلقه، وتتضمَّن الأغذية الشائعة المسبِّبة لحساسيَّة الطعام: الحليب، والبيض، والأسماك، والمأكولات البحريَّة، والفول السوداني، والسمسم، والمكسرات، والصويا، والقمح.
من المفترض أن يتوقَّف التقيُّؤ غير المصحوب بإسهال لدى الطفل بعد 24 ساعة، ولكن يجدر البدء بالتفكير بوجود مشكلة صحيَّة جدِّية في حال طالت المدَّة عن ذلك، مثل عدوى الكلى، ومرض السكَّري، والتهاب الزائدة الدوديَّة (بالإنجليزية: Appendicitis)، وما يحدث عند الإصابة بالتهاب الزائدة الدوديَّة هو بروز جراب يشبه الإصبع من القولون أسفل يمين البطن يُسبِّب ألماً في البطن يبدأ أسفل يمين البطن، وفي معظم الحالات يبدأ الألم في منطقة ما حول السُّرة ثم ينتقل إلى أسفل يمين البطن، وتزداد حدَّة هذا الألم مع الوقت وتفاقم الالتهاب، ومن الأعراض الأخرى المرافقة لالتهاب الزائدة الدوديَّة الشعور بالغثيان والتقيُّؤ، وبالرغم من إمكانيَّة إصابة أيِّ شخص بالتهاب الزائدة الدوديَّة إلا أنَّها غالباً ما تحدث للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 10-30 عاماً، ويُعدُّ الاستئصال الجراحي للزائدة الدوديَّة العلاج القياسي لها.
بالإضافة إلى ذلك قد يكون التقيُّؤ علامة على الإصابة بأنواع أخرى من العدوى، مثل التهابات المسالك البوليَّة (بالإنجليزية: Urinary tract infections) واختصاراً UTIs، أو التهابات الأذن الوسطى (بالإنجليزية: Middle ear infections)، أو الالتهاب الرئوي (بالإنجليزية: Pneumonia)، أو التهاب السحايا (بالإنجليزية: Meningitis)، وتجب استشارة الطبيب عند ترافق التقيُّؤ لدى الأطفال مع الأعراض الأخرى للإصابة بالعدوى، مثل ارتفاع درجة الحرارة أو التهيُّج، وفيما يأتي شرح عن بعض أنواع هذه العدوى:
قد يؤدِّي تناول أيِّ نوع من الطعام خصوصا غير المطبوخ أو غير المحفوظ بشكل جيِّد إلى انتقال البكتيريا إلى جسم الطفل، وتسبُّبها بحصول التسمُّم الغذائي (بالإنجليزية: Food poisoning)، ومن أنواع البكتيريا التي تتواجد عادةً داخل الطعام والمسؤولة عن التسبُّب بالإصابة بالتسمُّم الغذائي السالمونيلا، واللستيريا (بالإنجليزية: Listeria)، والبكتيريا العطيفة (بالإنجليزية: Campylobacter)، والإشريكيَّة القولونيَّة، وتُعدُّ اللحوم والدواجن والبيض والمحار والخضار غير المغسولة مثل الخسِّ أكثر أنواع الأطعمة المسبِّبة للتسمُّم الغذائي شيوعاً، وقد يبدأ الطفل بالتقيُّؤ بعد عدَّة ساعات من تناوله الطعام الملوَّث بالبكتيريا، ولكن في بعض الأحيان قد تبدأ الأعراض بالظهور بعد يوم أو يومين، وترافق التسمُّم الغذائي العديد من الأعراض الأخرى، مثل الغثيان والإسهال المائي وألم المعدة، وقد ترتفع درجة حرارة الطفل، ولكن يُعدُّ التقيُّؤ دون أيِّ ارتفاع في درجة الحرارة العرض الأكثر شيوعاً، ويمكن لهذه الأعراض أن تستمرَّ بالظهور لمدَّة تتراوح ما بين عدَّة ساعات إلى عدَّة أيام.
من المهم عند بدء الطفل بالتقيُّؤ التأكُّد من عدم ابتلاعه لأيِّ أدوية، أو سوائل الاستخدام المنزلي، وغيرها من السموم والبحث في المنزل عن علب فارغة أو أماكن سُكِب فيها سائل ما، وكذلك يجب التحقُّق من التقيُّؤ نفسه، إذ قد يحتوي على حبوب أدوية أو قد تكون له رائحة ولون ومظهر غير اعتيادي، وفي حال تراود الشكوك لدى الوالدين بابتلاع الطفل إحدى المواد السابقة فتجب استشارة الطبيب على الفور أو نقله مباشرة إلى قسم الطوارئ في المستشف
قد يرتبط التقيُّؤ لدى الطفل بأسباب أخرى يمكن ذكرها فيما يأتي:
يجب التفريق بداية بين القشط أو كما يُسمَّى البصق، أو ارتجاع الحليب إلى المريء (بالإنجليزية: Spitting up) والتقيُّؤ، إذ ما يحصل في البصق هو خروج لمكوِّنات المعدة من فم الرضيع بشكل سلس، وعادةً ما يرافق ذلك حصول التجشُّؤ وهو من الأمور شائعة الحدوث لدى الرُّضَّع الذين تقلُّ أعمارهم عن عمر السنة، بينما يتمثَّل التقيُّؤ بخروج مكوِّنات المعدة من الفم بشكل قوي، ولكن قد يكون من الصعب التفريق بين بصق الرضيع أو التقيُّؤ في بعض الأحيان، وذلك لأنَّ البصق لدى بعض الرُّضَّع قد يكون قويّاً أو بكميَّات كبيرة، ولكن يستطيع الممرض أو الطبيب تحديد السبب والعلاج إن لزم، فقد يدلُّ التقيُّؤ القوي لدى حديثي الولادة والرُّضَّع الصغار حتى عمر 3 أشهر على وجود مشكلة حقيقية، وهذا دائماً يستلزم التقييم الإضافي، وتتضمَّن الأسباب المحتملة للتقيُّؤ لدى الرُّضَّع حدوث انسداد أو تضيُّق في المعدة يُطلَق عليه اسم تضيُّق البواب (بالإنجليزية: Pyloric stenosis) أو انسداد في الأمعاء، أو بسبب إصابة الأمعاء أو أجزاء أخرى من الجسم بالعدوى، ويجب التنبيه هنا على ضرورة استشارة الممرض أو الطبيب عند ارتفاع درجة حرارة جسم الرضيع الذي يقلُّ عمره عن 3 أشهر في حال تجاوزت 38 درجة مئوية سواءً رافق هذا الارتفاع وجود تقيُّؤ أم لا.
بالرغم من أنَّ تضيُّق البواب من الحالات غير الشائعة عند الرُّضَّع إلا أنَّه من الأسباب الجدِّية المسبِّبة للتقيُّؤ لدى الرُّضَّع، ويبدأ عادةً بعمر أسبوعين ويستمرُّ حتى عمر الشهرين، والبواب هو الصمام العضلي الذي يربط المعدة بالأمعاء الدقيقة، وفي الحالة الطبيعيَّة يتمثَّل مبدأ عمله بالاحتفاظ بالطعام حتى يصبح جاهزاً للمرحلة التالية من عمليَّة الهضم، وما يحصل في تضيُّق البواب هو زيادة في سمك عضلات البواب لتصبح كبيرة الحجم بشكل غير طبيعي، ممَّا يؤدِّي إلى تضيُّق وانسداد البواب بشكل يعيق دخول الطعام إلى الأمعاء الدقيقة، ويمكن أن يُسبِّب هذا المرض حدوث التقيُّؤ القسري، وإصابة الطفل بالجفاف، بالإضافة إلى فقدان الوزن، هذا إلى جانب أنَّ الأطفال المصابين بتضيُّق البواب يكونون جائعين طوال الوقت، ويمكن علاج هذه الحالة عن طريق الجراحة.
من المهمِّ عند تقيُّؤ الطفل الناتج عن الإصابة بالعدوى أخذ الوالدين الحيطة، إذ تكون هذه الحالة معدية بشكل كبير، ولتجنُّب انتقال العدوى للوالدين أو للعائلة والأصدقاء يُنصَح باتباع الخطوات الآتية:
من الطبيعي أن يبصق الطفل بعد إرضاعه أو قد يتقيَّأ مرَّة واحدة بعد الرضاعة دون تكرار، وهذا يدلُّ على عدم وجود ما يدعو للقلق، ولذلك يُنصَح باتباع بعض النقاط التي من شأنها تقليل ارتجاع الحليب لدى الرُّضَّع والتي في حال عدم نجاحها لا بُدَّ من استشارة الطبيب، وتتضمَّن هذه النصائح ما يأتي: