لوحِظَ في الآونةِ الأخيرة انتشار عددٍ كبيرٍ من الأمراض، إمّا بسبب المُلوِّثات المنتشرة، أو بسبب العادات الصحيّة الخاطئة التي أصبحتْ مُتبّعة من قِبَل الكثير من الناس. ومن أكثر الأمراض الدّارجة والمُتعارف عليها بين الناس في أيامنا هذه هو مرض السكّري، حيث يُقَدّرُ عدد المصابين به نحو 250 مليون شخصاً على مستوى العالم، ويُتَوَقَع أنْ يتضاعف هذا العدد خلال العشرين سنة القادمة. وبسبب انتشار مرض السكري بين شريحةٍ كبيرةٍ بين الناس تمّ تخصيص يوم ١٤-تشرين الثاني سنوياً لمرضى السكري وسُمّيَ "اليوم العالمي للسكر"، بحيث يكون هو ذات اليوم الذي وُلِدَ فيه فريدريك بانتينغ مكتشف الأنسولين بمعاونة تشارلز بيست.
هو مرضٌ مزمنٌ يُلازِم الإنسان طوال حياته بمجرد الإصابة به، ويُصاب الإنسان بهذا المرض نتيجةَ الزيادة الكبيرة لِمستوى السّكر الموجود في الدم النّاجمة عن نُقصانٍ في هرمون الأنسولين الذي يُفرِزُه عُضْو البنكرياس والذي تعمل على حرق السكر وتحويله إلى طاقةٍ لِيستفيدَ منها الجسم، ويَحدث هذا النقصان بسبب وجود خللٍ في البنكرياس.
ويوجد ثلاثةُ أنواعٍ لمرض السكري، ففي النّوع الأوَل يُهاجِم جهاز المناعة خلايا البنكرياس المسؤولة عن إنتاج هرمون الأنسولين مما يؤدي إلى انعدام أو نقصان الأنسولين في الجسم فيحدث ما يُسمّى النمط الأول من السكري، وهو شائعٌ لدى الأطفال وقد يحدث خلال فترة البلوغ. أما في حالة عدم قدرة الجسم على استهلاك الأنسولين لحرق السكر بالشكل الصحيح يحدث ما يُسمى النمط الثاني من السكري، وهو يُصيبُ الإنسان في أيّ سِنٍّ، إلاّ أنه شائعُ الحدوث بعد سنِّ الأربعين. والنوع الثالث هو ما يُعرَف بسكر الحمل حيث يُصيبُ النّساء الحوامل وهو حالةٌ مُؤقتةٌ قد تنتهي بانتهاء الحمل أو تستمر لبعد الولادة.
ولمْ يَتِمُّ التّوصُّل إلى أيِّ علاج بإمكانه أن يشفي من مرض السكر بشكلٍ نهائيٍّ، لكن كلما كان اكتشافُ هذا المرض مبكراً كان تشخيصُ أعراضِهِ أسْلَم وأَدَق، وبالتّالي يُمكن للإنسان وقاية نفسه من الأخطار التي قد تَنْجم من تَوَغُّل هذا المرض في الجسم والسيطرة عليه، لذا يحتاج المريض إلى خطةٍ علاجيةٍ شاملةٍ تَتَضمّن تعديل النظام الغذائيّ بالتّعاون مع أخصائي التغذية، وكذلك ممارسة التّمارين الرّياضية، والعلاج الدَوائي تحت إِشراف أخِصّائي السكري والغدد الصمّاء.
كما يَنْبغي رَفْعُ وَعْي المريض بمرض السكري، وكيْفية الاهتمام بنفسه وبصحته والابتعاد عن أنماط الحياة الخاطئة لما في ذلك أثرٌ عظيمٌ في وقايتِهِ من أخطار هذا المرض، لأنّ في حال إهمال مرض السكري فإنّ ذلك سيُؤدّي إلى إصابتِه بمُضاعفاتٍ خطيرةٍ أهمُّها الفَشَل الكَلَوي، فُقْدان البصر، أمراض القلب والأوعية الدموية، أمراض الجهاز العصبيّ، وبَتْر الأطراف السفلية.
تَتَفاوت أعراض مرض السكري حسب الفئات العمرية، فكما ذُكِرَ سابقاً النمط الأول من السكري شائعٌ عند الأطفال ، أمّا النمط الثاني قد يحدث في أيّ مرحلةٍ عُمْريةٍ. وأيضاً قد تَتَفاوت حسب الجنس، بحيث تظهر بعض الأعراض لدى أحد الجنسين لكنّها لا تظهر في الآخر. ويختلف ظهور الأعراض باختلاف أنماط السكري، ففي النمط الأول تكون الأعراض مُباغِتةً وسريعةً وشديدةً . أمّا في النمط الثاني تكون خفيفةً إلى معتدلة في شِدّتِها، وقد لا يشعرُ المريض بأيّةِ أعراضٍ على الرّغم من ارتفاعِ نسبةِ السكر في الدم .
وبشكلٍ عام فإنّ أعراض ارتفاع نسبة السّكر في الدم تَتمثّلُ بالآتي:
في حال استمر ارتفاع السكر في الدم بشكل كبير وترك دون علاج، فإن ذلك سيسبب تراكم الحمض الكيتوني السام في الدم والبول، مسببا ما يعرف بحالة الحماض الكيتوني السكري (بالانجليزية: ketoacidosis). حيث ستظهر في هذه الحالة الأعراض التالية لدى المريض:
يعتمد علاج مرض السكري على عدّة عوامل منها، رَفْع وَعْي المريض حول كيفيّة السّيطرة على مستوى السكر المناسب في الدّم، وكيفية التخلّص من أو تخفيف الأعراض التي لديه. كما يَتَطلّب الأمر تغييراً في نمط الحياة السائد بما يحافظ على استقرار حالة المريض، ويُجنّبه حدوت مضاعفات خطيرة للمرض. لذا، على المريض أن يَتّبع خطّةً علاجيّةً شاملةً لما يلي: