يتطلب النجاح وجود أشخاص قائمين عليه، يدفعون باتجاهه، ويضعون الخطط الموصلة إليه، وفي عالم الأعمال الإدارة الصحيحة هي وحدها التي يمكنها فعل ذلك. لكن قبل التوغل في هذا الموضوع، من المهم الوقوف، عند وصف «الصحيحة»، فهل يعني هذا أن هناك إدارات غير صحيحة؟
ليست كل الإدارات فاعلة، ولا ناجحة، بل إن هناك إدارات لا تجلب سوى الخسائر، إذًا، فإن القصد من الحديث عن الإدارة الصحيحة هو تمييزها عن شتى أنواع الإدارات الأخرى غير المجدية، كما أنها تؤدي إلى نجاح الشركات؛ ولذلك كان تمييزها أمرًا محتمًا.
وإن لم نكن في مَعرِض الحديث عن مفهوم الإدارة في حد ذاته، فسنشير إليه، بشكل مختصر.
إن الإدارة هي تلك العملية التي يتولى فيها شخص ما تخطيط، وتنظيم، وتوجيه، ومراقبة أنشطة وموارد المنظمة أو الشركة؛ لتحقيق هدفها، بطريقة فعالة، تتسم بالكفاءة والفعالية في بيئة دائمة التغير.
وأحسن بول هوكين Paul Hawken صنعًا حين عرّف الإدارة الصحيحة على النحو التالي:
«الإدارة الجيدة هي فن جعل المشاكل مثيرة للاهتمام، وجعل حلولها بناءة للغاية؛ بحيث يرغب الجميع في العمل والتعامل معها».
هناك علاقة بين الإدارة الصحيحة ونجاح الشركات؛ إذ إن هذه الإدارة تؤدي بعض المهام الحاسمة، والتي من شأنها تغيير مصير الشركة بشكل كلي، إليك بعض هذه المهام الإدارية التي تقود إلى نجاح الشركات رأسًا.
تتكون الشركة، بشكل عام، من مجموعة من الموظفين وأصحاب الشركة أنفسهم، ولكل طرف من هذه الأطراف مصالحه الخاصة التي يسعى إلى الحصول عليها وتحقيقها، وحين يحدث تضارب في هذه المصالح يكون مصير الشركة البوار والخسران.
وهنا يأتي دور الإدارة، وهو العمل على توحيد هذه الأهداف جميعًا، وربطها في إطار موحد، لكن المدراء الأكثر حِنكة وبراعة هم الذين يرهنون حصول بعض الأطراف على هدف ما بحصول الطرف الآخر على هدف من أهدافه أيضًا.
ووفقًا لهذه الرؤية، ستعزف الشركة كلها سيمفونية واحدة، لن يشذ عنها أحد، ذاك هو أحد الأدوار المحورية للإدارة.
لو قلنا إن الإدارة الصحيحة في أحد جوانبها هي: وضع الشخص المناسب في المنصب المناسب لما جاوزنا الصواب؛ حيث يعمل المدراء المحنكون على حسن استخدام موارد الشركة، وضمان عدم إهدارها، وأهم هذه الموارد هو المورد البشري.
ناهيك عن العمل على عدم إهدار موارد المؤسسة الأخرى، فهذه أيضًا تندرج تحت مهام الإدارة، حتى لا تتكبد الشركة نفقات من الممكن تفاديها.
تسعى الإدارة الصحيحة إلى الوصول بموظفيها إلى أقصى طاقاتهم، وتحقيق الاستفادة القصوى من هذه المهارات التي يتوفرون عليها، يتعلق الأمر بـ «استنفاد الجوهر»، أي عدم تفويت أي فرصة للاستفادة.
إن الهدف الرئيسي للشركة هو الحصول على النتيجة الأكثر كفاءة، أي تحقيق أقصى ربح من خلال زيادة الناتج إلى أقصى حد وتقليل المدخلات.
لأن الشركة لا تعمل بعيدًا عن العالم، وإنما هناك منافسون يحاولون العثور على أكبر قدر من الحصة السوقية، وأكبر عدد من العملاء؛ لذلك فإن الإدارة الصحيحة تتعامل مع هذا المعطى أيضًا.
فهي تهدف إلى الوصول بالشركة، إلى الأداء الأمثل كي تتمكن من الفوز في معركة المنافسة حامية الوطيس، كما أن كل ما سقناه يندرج تحت فكرة رفع معدلات الأداء قبل الانطلاق إلى الخارج، والمنافسة الفعلية في السوق.