“مقر العمل الممتع” هل يمكنك تمرير هذه العبارة دون الشعور بحالة من التوجس والقلق؟ أليس العمل، في التصورات التقليدية والجمعية، هو الوجه المقابل للمرح؟ فكيف يمكننا، على الرغم من ذلك، الحديث عن فريق العمل المَرِح ؟
مسألة كهذه بحاجة إلى مزيد فحص، وطول تأمل، ناهيك عن أننا، طالما رغبنا في الوصول إلى نتائج مُرضية وواقعية، نحتاج إلى إجراء دراسات مسحية على شركات ومؤسسات فعّلت هذا المبدأ “المرح في العمل”، وآمنت بجدواه، وأن نلقي نظرة، في الوقت ذاته، على مآلات هذه الطريقة، ومدى إسهامها في رقي وتقدم هذه المؤسسات.
وطالما أننا لا نستطيع في هذا الصدد إجراء مسح شامل للمؤسسات التي اتخذت هذه الطريقة الإدارية منهجًا لها، فإننا سنشير، ولو على عجل، إلى نتائج بعض الدراسات التي آلت على نفسها أداء هذه المهمة.
ما الذي يُحتّم على الشركات إدخال المتعة والمزاح إلى صلب طرائقها الإدارية؟ هناك، بطبيعة الحال، العديد من المزايا التي أوضحها المستشار الإداري الساخر ميتكاف؛ ولعل من بينها: أن فريق العمل المَرِح أكثر قدرة على الإبداع والابتكار، وأن معدلات التغيب في مثل هذا الفريق منخفضة إلى حد كبير، ناهيك عن أنه أكثر تحملاً لضغوط العمل المختلفة.
فضلاً عن أن روح المرح تساعد الموظفين في التخفيف من حدة التوترات، وأنها تساعد، كذلك، في تجاوز الأزمات والتغيرات التي تنتج عنها بسهولة وسلاسة. ومن نافل القول إن معدلات الإنتاج في فريق يتمتع بروح مرحة، ويؤمن أعضاؤه بأن العمل ليس مكانًا للضغوط والأعباء ستكون مرتفعة، بل لا يمكن مقارنتها بمعدلات إنتاج تلك الفرق التي تتبع طريقة تقليدية في الإدارة، وما زال مسيطرًا عليها ذاك التصور البدائي عن العمل بوصفه مكانًا للعقاب ومنبعًا للآلام.
لا وجود لجواب قطعي عن هذا السؤال، فإضفاء الطابع المرح على بيئة العمل أمر موقوف على رغبة كل فرد من الموظفين، وعلى إرادة كل عضو في فريق العمل، لكن، وعلى الرغم من ذلك، فإن ما يمكن الجزم بشأنه هو أن جوهر العمل لا يتنافى مطلقًا مع روح المرح والمزاح والفكاهة.
وأشارت دراسات عدة أُجريت على قطاع عريض من الشركات والمؤسسات المختلفة إلى أن فريق العمل المَرِح أكثر قدرة على الإبداع، وأن معدلات الرضا الوظيفي بين أفراده تكون مرتفعة للغاية، ناهيك عن أن هذه الروح المرحة تنعكس إيجابًا على الكيفية التي تُؤدى بها المهام الوظيفية المختلفة، وعلى مستوى الخدمة المقدم لعملاء هذه الشركة التي آمنت بفعالية المرح وجدواه الإدارية.
وعلى كل حال، فإن ما نحن بحاجة إليه هو، قبل كل شيء، تغيير الصورة الذهنية التي لدينا عن العمل، وأن ننظر إلى مهامنا الوظيفية على أنه مدعاة للمتعة أو، على الأقل، بمثابة مغامرات وتحديات ينبغي خوض غمارها من أجل تحقيق أفضل النتائج.