تعرف على المقومات السياحية الطبيعية في منطقة تبوك في المملكة العربية السعودية.
تشمل المقومات الطبيعية عددًا من المعطيات التي تجذب السائح أو تساعد في جذبه كأحد مكونات بيئة المكان، وهي تشمل المناخ، ومظاهر السطح، والحياة البرية بشقيها النباتي والحيواني، وعلى الرغم من سيادة الصحراء في أرض الجزيرة العربية، إلا أننا نجد تنوعًا بيئيًا واضحًا في منطقة تبوك، وفيما يأتي عرض لأهم هذه المقومات:
أ - الموقع الجغرافي:
تتمتع منطقة تبوك بموقع استراتيجي في الجزء الشمالي الغربي للمملكة، وعلى مقربة من الأردن ومصر، مما يجعل المنطقة ومحافظاتها بوابة المملكة للمسافرين إلى تلك الدول والعابرين إياها وللقادمين من تلك الدول وما وراءها إلى المملكة. كما يتصف سطح الأرض بالتنوع الشديد، وهو أمر مهم في المقاصد السياحية؛ حيث يستطيع السائح التنقل في وقت وجيز بين عدد من المظاهر الجاذبة، ويجد كل سائح ما يميل إليه. ويمكن تمييز أربعة أقسام تضاريسية مرتبة من الغرب إلى الشرق، وهي:
1- ساحل البحر الأحمر وخليج العقبة بمسافة تقدر بنحو 580كم، يحاذيه سهل ساحلي يكاد يختفي في الشمال؛ حيث تلتقي الهضاب والجبال بالبحر مباشرة عند خليج العقبة عدا بقع صغيرة قامت عليها مدينة حقل ومقنا، ويتسع كلما اتجهنا جنوبًا ليصل عرضه إلى عدد من الكيلومترات في الجنوب. ويتسم الساحل بطبيعته الصخرية إجمالاً وبكثرة الخلجان الصغيرة التي تسمى محليًا بـ (الشروم) وبوجود بعض الرؤوس التي تتوغل في البحر كرأس الشيخ محمد، وينتشر بمواجهته عدد من الجزر، منها: تيران، وصنافير، وبرقان، وصلع، والنعمان، والحساني، وغيرها، وبعض الشِّعَاب المرجانية التي اشتهر بها البحر الأحمر.
2- سلسلة جبلية تفصل المنطقة الساحلية عن الهضاب الداخلية، وتضم القسم الشمالي من جبال الحجاز، وجبال مدين التي تصل ارتفاعات بعض قممها إلى 2500م تقريبًا فوق سطح البحر، ومنها جبل اللوز ، أعلى جبال المناطق الشمالية، وجبل زهد وغيرها.
3- هضاب داخلية متنوعة السطح حسب أصلها الجيولوجي، وأهمها هضبة حِسمْى التي تتكون من الصخور الرملية، ومتوسط ارتفاعها 1000م فوق سطح البحر، وتتميز بأشكالها الصخرية وأوديتها وأخاديدها. وفي الجنوب مساحات كبيرة من الحمم البركانية الحديثة النشأة، وأهمها حرّتا الرحى وعويرض ذاتا التشكيلات البركانية من فوهات، وأخاديد، وكهوف.
4- أحواض داخلية وسهول ودالات مروحية مرتفعة تتجاوز 700م فوق سطح البحر، وتشغل نصف مساحة المنطقة تقريبًا، تسودها السمة الصحراوية المنبسطة مع بعض التلال والجبال المنعزلة، وتغطيها الرمال الحمراء في الشرق لتصبح جزءًا من صحراء النفود الكبيرة.
ب - المناخ:
مناخ المملكة يميل إلى الحرارة الشديدة إجمالاً في فصل الصيف، إلا أن منطقة تبوك بموقعها الشمالي، وارتفاع بعض أجزائها، وتأثر سهلها الساحلي بالبحر، تكون أقل حرارة خصوصًا في أجزائها الشمالية الغربية، ويستطيع السائح أن يجلس في ظل سيارته على الشاطئ وسط النهار في منتصف الصيف بشيء من الراحة، وهو ما لا يمكن حدوثه في بقية الشواطئ، بينما تنعم المرتفعات العالية في جبل اللوز وغيره بالاعتدال النسبي على الرغم من جفافها.
هذا الوضع جعلها تستقبل سياح الداخل من المناطق الأكثر حرارة وسكانًا، مستفيدة من المعطيات السياحية الأخرى كجاذبية البحر والتاريخ والمظهر الطبيعي. أما في فصل الشتاء، فإن المناخ يميل إلى البرودة في معظم أجزاء المنطقة، عدا الساحل الذي تحميه سلسلة جبال الحجاز وجبال مدين من التيارات الداخلية الباردة القادمة من الشمال الشرقي، الأمر الذي جعله مناسبًا جدًا لاستقطاب السياح من داخل المنطقة والمناطق المجاورة خلال العطلات الشتوية. ولا يعدم الداخل بعض المناطق ذات المناخ المحلي المحمي بالجبال أن تكون أكثر دفئًا في الشتاء، وبالتالي يقصدها الناس في الرحلات البرية الشتوية، وأبرز ما يمثلها هضبة حسمى ذات الأودية والأخاديد التي تتوغل في صخورها الرملية، مكونة بعض الملاجئ الدافئة نسبيًا، والرائعة الجمال بتشكيلاتها الصخرية، وعيونها، ونباتاتها.
ج - الحياة البرية والبحرية:
منطقة تبوك إجمالاً منطقة صحراوية تسودها الأحياء الصحراوية المعروفة، ويتكون الغطاء النباتي فيها من أشجار شوكية ونصف شوكية، وشجيرات تقاوم الجفاف، وتتنوع في مظهرها، وتزيد كثافة في الأحواض والأودية التي تمثل بيئات جاذبة للنـزهة. وتكتسي البرية حلة جميلة من النباتات والأزهار في أواخر الشتاء وفصل الربيع، عندما تتلقى المنطقة كمية جيدة من الأمطار، لتصبح الكثير من الرياض والأراضي المستوية حدائق طبيعية غنَّاء. وعلى الرغم من وجود الجبال المرتفعة مثل: جبل اللوز، وجبل زهد، إلا أن قلة الأمطار لا تكفي لنمو غطاء نباتي جيد، وتنصرف مياهها القليلة إلى الأودية التي تنحدر منها؛ حيث تتمتع بغطاء نباتي جيد وجداول مائية صغيرة أحيانًا، تنمو عليها حدائق النخيل والأعشاب المائية وأشجار أخرى. وفي فصل الشتاء تكتسي قمم هذه الجبال بالثلج الذي سرعان ما يذوب جالبًا المزيد من المياه، منعشًا النبات الموسمي في فصل الربيع، ونظرًا لقدرة الصخور الرملية على اختزان المياه بصورة عالية، فإن هضبة حسمى تتميز بالكثير من الجداول المائية التي تكون غطاءً نباتيًا جيدًا، لتصبح مناطق تنـزه مفضلة لسكان تبوك.
وعلى الرغم من صحراوية المنطقة، وأنها إجمالاً من أقل مناطق المملكة مطرًا، إلا أنها تحظى بقدر من الكائنات الفطرية الحية التي تجد ملاذًا آمنًا في المرتفعات الجبلية الوعرة ضمن جبال الحجاز وجبال مدين، كما توفر الأودية بيئة جيدة لعدد من الكائنات الفطرية. وهناك محميتان طبيعيتان في المنطقة هما: محمية الخنفة ومحمية الطبيق، حيث تقع الأولى شمال تيماء، وتحتل مساحة تقدر بنحو 20.450كم ، وتمتد إلى كل من منطقة الجوف وحائل. وتتشكل تضاريس هذه المحمية من تلال مختلفة، ووديان، وأراضٍ مرتفعة يراوح ارتفاعها بين 800 و 1000م، وتمتد هذه المحمية إلى صحراء النفود، وتضم مساحات شاسعة من الكثبان الرملية. وتنمو في محمية الخنفة نباتات متعددة الأنماط والأنواع، فمنها الأشجار ذات الظل والحشائش والشجيرات المعمرة، ومنها أعشاب حولية تظهر أيام الربيع وتختفي بنهاية الموسم. وبنـزول الأمطار في وقت الوسم تتحول محمية الخنفة إلى حلة قشيبة من ألوان الزهور المختلفة والروائح الزكية، وتخضر أشجارها وتمتلئ غدرانها ويوجد بالمحمية عدد من الأنواع النادرة ومنها الغزلان (الريم أو الغزال الرملي)، والذئاب، والأرانب البرية، والسحالي، والثعابين، كما يقطن المنطقة عدد من فصائل الطيور.
وتقع محمية الطبيق وسط شمال المنطقة بمحاذاة حدود الأردن، وتمتد إلى منطقة الجوف. وتغطي المحمية نحو 12.200كم ، وتنمو فيها أصناف مختلفة من النباتات، بينما يقل الإنبات في الأجزاء الصخرية، التي تشكل ملاذًا مهمًا للوعول (Capra Ibex) والغزلان، والذئاب، والثعالب، والأرانب البرية، وأعداد كبيرة من فصائل الطيور
وهناك عدد من الأمكنة الجميلة ذات البيئة الخاصة، تستخدم حاليًا كمتنـزهات برية مفتوحة، وهناك اقتراح بتحويل بعضها إلى محميات طبيعية ومنها: هضبة حسمى التي يعد وادي رم بالأردن امتدادًا لها، ومن مواقعها المهمة: الزيتة جنوب الطريق الذي يربط تبوك بالساحل، وجبل قراقر، والديسة ذات التشكيلات الصخرية، والينابيع، والجداول التي تنمو عليها تجمعات النخيل البري والأعشاب المائية، ورأس سويحل الكبير، وهي أراضٍ جبلية تقع بين حقل ومقنا، وتشرف على البحر مباشرة، وجبل الدبغ شمال ضباء، وهو محمية طبيعية للوعول والوشق، وحرة عويرض الواقعة جنوب المنطقة، وهي أيضًا محمية طبيعية للوعول والغزلان، وجبل اللوز الشاهق الارتفاع، وتنمو عليه أشجار اللوز البرية، ويعتقد أنها فريدة من نوعها في المملكة.
وتشرف منطقة تبوك على البحر الأحمر بساحل يبلغ طوله نحو 580كم تقريبًا، ويمتد من الحدود الأردنية شمالاً حتى حدود منطقة المدينة المنورة، ويتميز البحر هنا بكثرة الشِّعَاب المرجانية التي يعتمد عليها الكثير من الأحياء البحرية؛ حيث تعد من أفضل الأمكنة لممارسة الغطس، واستكشاف الشِّعَاب المرجانية، وممارسة أنواع السياحة والرياضات البحرية كافة.
كما يوفر الساحل الطويل لمنطقة تبوك موارد ومقومات سياحية رائعة تتمثل في: الشواطئ والسواحل الجميلة، والجزر الكثيرة، حيث تتواجد الشِّعَاب المرجانية والكائنات البحرية الأخرى التي تشكل إحدى أجمل البيئات البحرية على مستوى العالم، ويشمل ذلك مواقع الشِّعَاب المرجانية الواقعة على ساحل منطقة تبوك، والتي لاتزال محتفظة بطبيعتها الأصلية، كما أن عددًا من المواقع الشاطئية تكسوها الرمال، بينما يكون البعض الآخر مزيجًا من الرمال والصخور، أو الحجارة الصغيرة على الشواطئ. وتوفر الشواطئ فرصة جيدة لإقامة المنتجعات وتطويرها بالاستفادة من الخلجان والرؤؤس البحرية الجميلة.
يُذكر أن ما اقترحته الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها من تخصيص محميتين بحريتين في المنطقة، الأولى: اُقترحت لتكون أحد مواقع التراث العالمي؛ لكونها تحوي مواقع وأمكنة لتعشيش السلاحف، وتقع بعيدًا عن الشاطئ، وتمتد بين الوجه وأملج، وصولاً إلى منطقة المدينة المنورة لمسافة تصل إلى نحو 200كم، لتشمل الجزر البعيدة عن الشاطئ، أما الثانية فتقع جنوب حقل على خليج العقبة، وتمتد من رأس سويحل الكبير إلى رأس الشيخ حميد، كما تمتد شرقًا على امتداد ساحل البحر الأحمر إلى موقع شرما، وتشمل الجزر الواقعة بعيدًا عن الساحل، وتضم هذه المحمية المقترحة جزءًا من الأراضي الواقعة شمال مقنا (طيب الاسم)، حيث يوجد منحدر صخري في الجبال ممتد إلى الأراضي الداخلية ليشمل بعض التضاريس الجبلية، إلى جانب محمية الوشق العجمي والغزلان، وتتمتع هذه الأمكنة بتنوع بيئي كبير، إلى جانب محافظتها على أصالتها وطبيعتها. وهناك عدد من المحميات المقترحة يمكن الإشارة إليها كما يأتي:
نطاق جبل قراقر الواقع جنوب مدينة تبوك بجوار الديسة، وتشمل تلك الأراضي التكوينات الصخرية الخلابة، والجبال، والوعول، وفصائل النباتات المستوطنة بالمنطقة، كما أن هذه المحمية مرشحة لتكون أحد مواقع التراث العالمي.
حسمى التي تعد امتدادًا لوادي رم، وهي من أجمل الأمكنة التي تمتد من حدود الأردن، وتقع حدودها الغربية شرق الزيتة جنوب الطريق الذي يربط تبوك بالساحل.
نطاق جبل الدبغ الذي تغطي مساحة 600كم تقريبًا، ويقع شمال ضباء، ويضم أراضي جبلية رائعة، وأعدادًا قليلة من الوعول والوشق. والذي تعرضت بعض ملامح منحدراته السفلية للتغيير، بينما لاتزال المنحدرات العليا محتفظة بطبيعتها.
حرة عويرض التي تقع جنوب منطقة تبوك، وتمتد إلى منطقة المدينة المنورة غرب مدائن صالح، وتضم هذه الحرة عددًا من الحيوانات البرية مثل: الوعول، والغزلان.
أراضي القبائل المحمية، في جبل رال الواقع شرق محافظة الوجه، وتتكون هذه الأمكنة الجبلية الصغيرة من صخور الجرانيت الواقعة على السهول الساحلية؛ حيث قام الشيوخ المحليون بالمحافظة على الوعول وحمايتها على مدار نحو 200 عام.
جبل اللوز الذي يشتمل على مناظر طبيعية خلابة، وتنمو به أشجار اللوز البرية المميزة في الجهة الشرقية، والتي تمكن الوعول من العيش والتكاثر في هذه المنطقة.
عدد من المسطحات المائية الواقعة بالقرب من مدينة تبوك التي تجذب الطيور المهاجرة وينبغي حمايتها، والعمل جارٍ لإعداد خطط لحماية هذه المحميات المقترحة.