سورة ق من السّور المكيّة التي نزلت قبل هجرة النَّبي عليه الصّلاة والسّلام باستثناء الآية الثَّامنة والثَّلاثين منها فهي مدنية، وعدد آياتها خمسٌ وأربعون آيةً، وهي السّورة رقم خمسين في ترتيب سور القرآن الكريم، والسّورة الرّابعةُ والثّلاثون في ترتيب نزول السّور على الرَّسول عليه الصّلاة والسّلام، وعدد كلماتها ثلاثُ مئةٍ وثلاثٌ وسبعون، وقد نزلت بعد سورة المُرسلات وقبل سورة البلد، وهي في الجزء السّادس والعشرين من القرآن الكريم.
سُمِّيت السُّورة بهذا الاسم لابتدائها بالحرف الهجائي (ق) كما في السُّور الأخرى التي جاءت في أوائلها أحرف الهجاء، كما في السّور (ص)، و(ن)، و(الم)، و(الر)، و(حم)، و(طس) وغيرها، ودلالة الابتداء بالأحرف الهجائيَّة المقطَّعة الأخرى كما رجَّح ابن كثير بيان إعجاز القرآن الكريم وعظمته، وأنَّ الخَلق عاجزون عن الإتيان بمثله رغم أنَّه مكوَّنٌ من هذه الحروف المقطَّعة التي يتخاطبون بها، وممَّا يُدلِّل على ذلك ويؤكِّده أنَّ كلَّ السّور التي افتُتِحت بالحروف المقطَّعة تُبِعَت بآياتٍ تُبيّن إعجاز القرآن وتُعظِّمه وتنتصر له، ومثل ذلك في سورة ق: (ق ۚ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)، وفي قول الله تعالى: (الم ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ)، وغيرها من فواتح السّور التي ابتدت بالحروف الهجائيّة المُقطَّعة.
ورد أنَّ اليهود كانت تقول: إنَّ الله خلق الخَلق في ستَّة أيامٍ، ثمَّ استراح في اليوم السَّابع وهو يوم السّبت يوم الرَّاحة عندهم، فأنزل الله تعالى قوله: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ)، فقد روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (أَنَّ الْيَهُودَ أَتَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَتْ عن خلق السموات وَالْأَرْضِ فَقَالَ: "خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَالِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَمَا فِيهِنَّ مِنَ الْمَنَافِعِ، وَخَلَقَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ الشَّجَرَ وَالْمَاءَ وَخَلَقَ يَوْمَ الْخَمِيسِ السَّمَاءَ، وَخَلَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةَ النُّجُومَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ"، قَالَتِ الْيَهُودُ: ثُمَّ مَاذَا يَا مُحَمَّدُ؟ قَالَ: "ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ"، قَالُوا: قَدْ أَصَبْتَ لَوْ تَمَّمْتَ ثُمَّ اسْتَرَاحَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَضَبًا شَدِيدًا، فَنَزَلَتْ: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ)).
موسوعة موضوع