محتويات المقال

 ما الفرق بين يفعلون ويعملون
أولاً: لفظ “يفعلون”
ثانياً: لفظ “يعملون”
الفرق بين يفعلون ويعملون للشعراوي

ما الفرق بين يفعلون ويعملون ؟ ، يرِد هذا التساؤل في أذهان الكثير منا، ويعتقد البعض أن المصطلحين لهما نفس المعنى تماماً، إلا أن هذا الأمر ليس بصحيح، فتذخر اللغة العربية بالعديد من المعاني والمصطلحات التي تختلف في المعنى ما بين كلمة وأخرى، كما أن الكلمتين وُرِد ذكرهما في القرآن الكريم، حيث قال تعالى في سورة البقرة “قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ“، وكذلك قوله عز وجل في نفس السورة “لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ“، ويُزيل عنكم موسوعة اللبس في فهم الفروق بين المصطلحات، ويوضح لكم في مقال اليوم الفرق بين يفعلون ويعملون بمزيد من الشرح والتوضيح، فتابعونا.

 ما الفرق بين يفعلون ويعملون
يخلط البعض بين كلمة يفعلون ويعلمون، ويعتقد آخرين بأن المصطلحين لهما نفس المعنى، إلا أن بلاغة القرآن الكريم تتناقض مع ذلك، فمن المؤكد أن يكون الله تعالى له حكمة في استخدام كل مصطلح لإيصال معنى معين.
وفرق علماء اللغة بين المصطلحين، فذكروا أن الفرق الكبير بينهم، هو  أن يفعلون أشمل وأعم من يعملون، لذا يمكننا إطلاق لفظ “يفعلون” على العاقل وغير العاقل، أما “يعملون” فهي مختصة بالعاقل وقليلاً ما تطلق على غير العاقل.
أولاً: لفظ “يفعلون”
وُردت هذه الكلمة ومشتقاتها 108 مرة في كتاب الله عز وجل، وعن هذا قال الأصفهاني أن الفعليُطلق على كل من قام بتأثير للعاقل وغير العاقل، وسواء كان هذا الفعل عن قصد أو دون قصد، ولكن العمل يُطلق على جودة هذا التأثير ومدى دقته، أما الفعل فيكون لتلك المخلوقات غير العاقلة كالنباتات والحيوانات، كما أُطلق على الجماد أيضاً.
لذا نقول هذا فعل الريح، هذا فعل النبات، وهكذا.
وإن خير ما يستدل به الحديث هو القرآن الكريم، إذ يقول المولى في كتابه الكريم وهو أصدق القائلين، “كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ“، وكذلك قوله عز وجل “فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى? مَا يَفْعَلُونَ“.
وكذلك نجد أن الله سبحانه ذكر في سورة التحريم كلمة يفعلون مع الملائكة فقال “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ”.
ثانياً: لفظ “يعملون”
وُردت هذه الكلمة 359 مرة بمشتقاتها في كتاب الله عز وجل، وبالنسبة للعمل فهو يختصبالعاقل فقط، ونادراً ما يمكن ذكره لغير العاقل، وجاء ذلك في قول المولى بسورة البقرة “وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ“، وكذلك قوله بسورة النساء “إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ“.
ولكن لعلك تتساءل الآن إن كان لفظ “يفعلون” يخص غير العاقل، فلماذا ذكره الله تعالى على قوم نوح؟، وتفسير هذا هو أن الله عز وجل يعتبرهم كالدواب لأنهم كفروا بالله ولم يؤمنوا به، إذن فإنهم لا يملكون العقول التي يفكرون بها، لذا جاء قوله بسورة نوح “ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ”.

والدليل على ذلك أن الآية تكررت في سورة يوسف ولكن بلفظ “يعملون“، وذلك لأنها جاءت كإشارة على أخوة سيدنا يوسف وهم من المؤمنين.
الفرق بين يفعلون ويعملون للشعراوي
يوضح الشيخ الشعراوي الفرق بين يفعلون ويعملون، فيقول أن العمل هو المصطلح الأعم والأشمل، والذي يندرج تحته الفعل، والعمل يشمل القول باللسان، أو الفعل بالجوارح، أو الأعمال المعنوية، كالصلاة والصيام وغيرها.
أما الفعل فهو يقتصر على كل ما يصدر عن جوارح الإنسان كاليد أو الرجل أو الأنف.
ومن هنا يكون كل فعل هو عمل، ولكن ليس كل عمل هو فعل.
والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة البقرة “قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا ? قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ? فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ“. ويفعلون هنا جاءت دلالة على فعل الذبح، وهو الفعل الذي يتم باليد أي بالجوارح.
أما قوله عز وجل في سورة البقرة “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ? وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ ? إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ”. جاءت تعملون هنا لتدل على الصلاة والزكاة، والتي يقوم بها الإنسان بجوارحه وقلبه ولسانه، إذن تشتمل على القول والفعل لذا ذكر المولى تعملون وليس تفعلون.